للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثامن: أنَّ التحديد بالشمس نفسها أولى [من التحديد] (١) بمقدار الظل، بدليل سائر الصلوات. وإنما تُرِك في أول صلاة العصر إذ ليس في الشمس علامة ظاهرة، بخلاف آخره.

الفصل الثالث: أن وقت الضرورة يبقى إلى أن تغيب جميع الشمس. ومعنى ذلك أن أهل الضرورة والعذر الذين لا يمكنهم الصلاة قبل تغيُّر الشمس، مثل الحائض تطهُر، والمجنون والمغمَى عليه يُفيقان، والنائمِ ينتبه، والصبِّي يبلُغ= بعد اصفرار الشمس يصلُّونها أداءً في هذا الوقت، من غير إثم. وكذلك الكافر يُسلم؛ لأنَّ المنعَ من صحة الصلاة كان موجودًا فيه وإن كان على الحقيقة ليس بذي عذر، ولكن أُلحِقَ بهم [ص ٢٨] لأنه غُفِر له تأخيُرها، إذ الإسلام يجُبُّ ما قبله. فأمَّا مَن تُمْكِنه الصلاة قبل هذا الوقت، فلا يجوز له تأخيرها البتَّةَ. فإنْ أخَّرها وصلَّاها، فهي أداء مع كونه آثمًا (٢).

فأمَّا المريض يبرأ فقد أُلحِقَ بالقسم الأول. وهذا أشهر، لأنَّ من يقدر على الصلاة، فإنه لا يحِلُّ له تأخيرها عن وقت الاختيار إلَّا أن يكون مغلوبًا على عقله، كما قالوا في المسافر: لا يجوز له تأخيرها إلى حين الاصفرار إذا عَلِم أنه يجد الماء حينئذ، بل يصلِّي وقت الاختيار بالتيمم.

أمَّا أنه لا يحِلُّ له تأخيرها البتة لمن يقدر على الصلاة، فلأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن المواقيت في حديث جبريل عليه السلام والسائل، وذكرها بكلامه، وفي جميعها: أنَّ وقت العصر ما لم تصفرَّ الشمس، أو ما لم يصِرْ ظلُّ كلِّ شيء


(١) الزيادة منِّي. وفي المطبوع: «أولى من مقدار الظل». غيَّر «بمقدار» إلى «من مقدار» دون إشارة.
(٢) يحتمل قراءة «إثمًا».