للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي لفظ للبخاري (١): إن أمّي نذَرَت أن تحجّ، فلم تحجّ حتى ماتت، أفأحُجّ عنها؟ قال: «حُجِّي عنها، أرأيتِ لو كان على أمّكِ دَين أَلَسْتِ قاضِيَةً؟» قالت: نعم. قال: «اقضوا الله، فالله أحقّ بالوفاء».

ولأن هذه الأمور يجوز أن تُفعَل عنه مِن هذه العبادات ما وجب بالشرع بعد موته بدون إذنه، فلَأَن يُفعَل عنه ما وجب بالنذر أولى وأحرى.

وأما الصلاة المنذورة والقرآن والذكر والدعاء، فهل يُفعل بعد الموت؟ على روايتين (٢):

أحدهما: لا يجوز؛ لأنه لا تجوز النيابةُ فيها ببدنٍ ولا مال، فلم تَجُز (٣) النيابةُ فيها بعد الموت، كالإيمان. ولأنه لا مدخَل للبدل في المشروع منها، فلم تدخل في المنذور. ولأن العبادات المنذورة يُحتذَى بها حذوَ العبادات المشروعة، ولا يجوز أن يُفْعَل (٤) بالنذر ما لم يكن له أصلٌ في الشرع، وعكسُه الصوم فإنّ للبدل فيه مدخلًا كما ذكره الشيخ.

والثانية: يُفعل عنه بعد الموت. وهو اختيار أبي بكر [ق ٦٢] والخِرَقي (٥).

قال القاضي: وهو الصحيح؛ لما روى ابن عباس. ولأن (٦) سعدَ بن عُبادة سأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن نذرٍ كان على أمّه توفيت قبل أن تقضيه؟ قال: «اقضه


(١). (١٨٥٢).
(٢). ينظر «المغني»: (٧/ ٢٠٣)، و «الفروع»: (١١/ ٨٥ - ٨٧).
(٣). س: «تجب».
(٤). ق: «تفعل».
(٥) في «المختصر» (ص ١٥٤).
(٦). س: «لأن».