للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقدم حديث أبي سعيد في ليلة الحادي والعشرين، ونبه عليه أحمد بقوله: «تسع تبقى».

وهذه الأحاديث كلها تقتضي أنها تكون في هذه الليالي كلِّها، وقد كانت في كلِّ (١) عام من الأعوام في إحدى هذه الليالي، فتكون متنقّلة في ليالي (٢) العشر. وحُكي هذا عن أحمدَ نفسِه، وهو مقتضى ما ذكره القاضي وغيره من أصحابنا.

ومن أصحابنا من قال: إنها ليلة واحدة في كلِّ سنةٍ لا تتغيَّر، وزعم أنه مقتضى كلام أحمد، وليس بصحيح.

وبكلِّ حال، فلا نجزم لليلةٍ بعينها أنها ليلة القدر على الإطلاق، بل هي مبهمة في العشر، كما دلت عليه النصوص.

وينبني على ذلك: أنه لو نَذَر قيام ليلة القدر لزمه، ولم يجزئه في غيرها، فيلزمه قيام ليالي العشر كلِّها، كمن نَذَر ونسي صلاةً مِن يوم لا يعلم عينها، ولو علَّق عتاقًا أو طلاقًا بليلةِ القدر قبل دخول العشر، حُكِم به إذا انقضى العشر. وإن كان في أثناء العشر، حُكِم به في مثل تلك الليلة من العام المقبل إن قيل: لا تنتقل، وإن قيل: تنتقل، لم يُحْكَم به حتى ينصرم العشر من العام القابل، وهو الصواب. والله أعلم.


(١) سقطت من المطبوع.
(٢) في المطبوع: «الليالي» بخلاف النسخ.