للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما [ص ٨٧] اليسير المفرد، كالتِّكَّة والشُّرَّابة (١) والمنطقة والخيط ونحو ذلك، فيحرُم في المنصوص (٢)، لأنه نهى عن الحرير إلا مقطَّعًا، والمقطَّع: المفرَّق في غيره. وكذلك قوله عليه السلام: «إلا موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة» يدل على أنه موضوع في غيره. ولأنه قرَن الحريرَ بالذهب، والذهبُ يحرُم منفردًا، فكذلك الحرير. ولأنَّ الذهب والفضة في الآنية والذهب في اللباس إنما يباح يسيرُه إذا كان تابعًا، فكذلك يسيرُ الحرير؛ لأنَّ هذه الأشياء تجتمع في السرف والفخر والخيلاء.

ولو لبس ثيابًا، في كلِّ ثوب حريرٌ يسيرٌ، بحيث لو جُمِع ما في جميعها صار ثوبًا= جاز ذلك، وإن لم يُجز لُبسُ ذلك الحرير لو جُمِعَ ونُسِج ثوبًا على حِدةٍ، لأنَّ هذا هو معنى قوله: «نهى عن لُبس الحرير إلا مقطَّعًا»، فإنه إذا فُرِّق في الثياب صار مقطَّعًا، لأنَّ كلَّ ثوب له حكمُ نفسِه.

فصل

فإن نُسج مع الحرير غيرُه كالقطن والكتَّان والوَبْر والصوف ونحو ذلك، فالذي ذكره أكثرُ المتأخرين من أصحابنا: القاضي وأصحابه ومَن بعدهم: أنه إن كان الحرير هو الغالب حَرُم، وإن كان الحرير هو الأقلّ جاز، قال بعضهم: قولًا واحدًا.

وإن استويا فوجهان:


(١) ضبطت في «معجم تيمور» (٤/ ١٨٩) بضم أولها. وفي «محيط المحيط» (٤٥٨) بفتحه، وفسِّرت بأنها ضمَّة من خيوط يعلق أحد طرفيها بالطربوش وغيره، ويتدلَّى طرفها الآخر. وانظر «تكملة دوزي» (٦/ ٢٨٢).
(٢) انظر: «الفروع» (٢/ ٦٦) والآداب الشرعية (٣/ ٤٩٣).