للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطهارة الحمار، أو يفرِّق بين الدواب وغيرها، أو يفرِّق بين الفرش على نجاسة رطبة أو يابسة. وأما مخالفة عين ما جاءت به السنَّة، فلا يحلُّ بوجه من الوجوه. ولذلك لم يختلف نصُّ أحمد في جواز التطوع على الحمار والبعير وغيرهما.

فصل

وهل يجوز التطوع إلى غير القبلة للماشي حيث يجوز للراكب؛ على روايتين:

إحداهما: لا يجوز. وهو مقتضى ما ذكره الخِرَقي والشيخ المصنِّف وغيرهما (١)، لأنَّ ذلك لم يُنقَل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في حال الركوب. وليس الماشي كالراكب، لأنَّ الماشي متحرِّك بنفسه، فهو يعمل في الصلاة عملًا كثيرًا، وذلك مبطل للصلاة، إلا إذا كان لضروروة مثل صلاة الخوف، ولا ضرورة هنا. ولأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما زالوا يسافرون مشاةً، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد كان أحيانًا يتعقب هو وبعض أصحابه على بعير واحد، ومع ذلك لم يُنقل أنهم صلَّوا مشاة.

والثانية: يجوز. [ص ١٩٧] اختارها القاضي وأبو الخطاب وكثير من أصحابنا (٢). وذكره أحمد (٣) عن عطاء، لعموم قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]، وقد ذكر ابن عمر أنها نزلت في التطوع في السفر (٤)،


(١) انظر: «المغني» (٢/ ٩٩).
(٢) انظر: «الهداية» (ص ٧٩)، و «المبدع» (١/ ٣٥٥).
(٣) «المغني» (٢/ ٩٩).
(٤) تقدم تخريجه.