للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنكب فقط، ومعلوم أنَّ هذا أخفُّ، فيكون التزامه متعيِّنًا.

الصورة الثانية: أن يستر الثوبُ منكبيه وعجيزته، أو عورته. فالمنصوص هنا: أن يستر منكبيه وعجيزته، ولا يقتصر على عورته. فمن أصحابنا من قال بذلك هنا، وفرَّقَ بين هذه الصورة والتي قبلها؛ لأنه هنا إذا ستر عجيزته وقعد لم يبق من عورته شيء ظاهر إلا اليسير الذي يُعفَى عنه من أفخاذه، ولم يفُته إلا القيام. ولأنه يتمكن من الركوع والسجود [ص ٩٩] بالأرض، ويحصل له سترُ المنكبين وهو واجب. والسترُ الواجب مقدَّم على القيام، كما سيأتي.

وسترُ المنكب وإن سقط في النفل كما يسقط القيام، لكنَّ سقوط القيام فيه ثابت بالنص والإجماع، والقيامُ يسقط عن المأموم إذا ائتمَّ بإمام راتب قعد لمرضٍ عارضٍ، لتحصيل الجماعة. وقد علَّله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ في ذلك تعظيمًا للإمام كما يعظِّم الأعاجم بعضُهم بعضًا، فيكون ستر المنكب أوكد منه لذلك. وقد احتجَّ أحمد لذلك بأنَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يعقدون أُزُرَهم، وتبدو بعضُ عوراتهم في السجود (١)، فعُلِمَ أنَّ سترَ المنكب أوكد من ستر بعض العورة.

ومن أصحابنا من سوَّى بين هذه الصورة والتي قبلها في أنه يستر عورته ويصلِّي قائمًا (٢)، لظاهر الخبر المتقدِّم. والمحافظةُ على القيام وسترُ بقية العورة أوجَبُ من ستر المنكب، لأنَّ القيام واجب بالإجماع، والعورة يجب سترها في الصلاة وخارجها والفرض والنفل، فكان أولى. وهذا هو الذي ذكره الشيخ رحمه الله تعالى:


(١) تقدم تخريجه.
(٢) في الأصل: «جالسًا»، وفي حاشيته: «ظ قائمًا»، وهو الصواب.