للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الحديث قد ضعَّفه جماعة من الحفّاظ، ثم إن صحّ فلعله كان ماء قد طرح فيه تمرات تزيل ملوحته، بدليل قوله: "تمرة طيبة وماء طهور". ثم هو منسوخ بآية المائدة التي فرض فيها التيمم عند عدم الماء، فإنّ قصة الجنّ كانت بمكة في أول الإسلام.

وأمّا [٣/أ] نجاسة الخبث، فعنه ما يدل على أنّها (١) تزال بكل مائع طاهر يزيل كالخل ونحوه (٢)، وهو قول أبي حنيفة (٣)؛ لأن المقصود هو زوال النجاسة. ولذلك يحصل بصَوب الغمام، وبفعل المجنون، وبدون النية.

وظاهر المذهب كما ذكره الشيخ (٤)، لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالماء في حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، وفي دم الحيض، وغسل آنية المجوس؛ ولأنّ الطهارة بالماء يجوز أن تكون تعبُّدًا فلا يلحق به غيره كطهارة الحدث، ولأنَّ الماء ألطف وأنفذ في الأعماق، مع أنه ليس له في نفسه طعم ولا لون ولا ريح يبقى بعد زوال النجاسة. وهو مخلوق للطهارة،


(١) في المطبوع: "أن".
(٢) ذكر أبو الخطاب في "الانتصار" (١/ ٩٧) أنه ظاهر كلام أحمد في رواية المرُّوذي. وانظر "الهداية" له (ص ٦٧)، و"المغني" (١/ ١٧). وفي "الفروع" (١/ ٣٥١): "اختاره ابن عقيل وشيخنا".
(٣) انظر: "بدائع الصنائع" (١/ ٨٣) و"الهداية" للمرغيناني (١/ ٣٦).
(٤) وبه قال أحمد في رواية ابنيه كما ذكر أبو الخطاب في "الانتصار" (١/ ٩٦). وانظر "مسائل عبد الله" (ص ٥ - ٦).