للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومرابض الغنم ليس بمطَّرِد (١)، بل ربما كان الأمر بخلاف ذلك.

المسلك الثالث: تفسيرُ النهي عن الصلاة في هذه المواضع وتوجيهه بما دلَّ عليه كلامُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فأما القبور، فإنَّ الصلاة عندها تعظيمٌ لها، شبيهٌ بعبادتها، وتقرُّبٌ بالصلاة عندها إلى الله سبحانه. أما من يقصد هذا فظاهر، مثل من يجيء إلى قبر نبيٍّ أو رجلٍ صالحٍ، فيصلِّي عنده متقرِّبًا بصلاته عنده إلى الله سبحانه. وهذا نوع من الشرك وعبادة الأوثان، بل هو أحد الأسباب التي عُبِدَت بها الأوثان.

قيل: إنهم كانوا يصلُّون عند قبور صالحيهم، ثم طال العهد حتى صوَّروا صُوَرَهم، وصلَّوا عندها، وعكفوا عليها، وقالوا: إنما نعبدهم ليقرِّبونا إلى الله زلفى. ولمَّا كان النصارى قد {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١]، كان العكوف عند القبور والتماثيل فيهم أكثرَ.

ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - عن الكنيسة التي أُخبِر عنها: «إنَّ أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح، فمات بنَوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصور. أولئك شِرارُ الخلق عند الله يوم القيامة» (٢).


(١) في المطبوع: «بمضطرد»، خلافًا للأصل.
(٢) سبق تخريجه.