للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبَد. واشتدَّ غضبُ الله [ص ١٥٧] على قوم اتخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد» (١).

وقال عليه السلام: «إنَّ من كان قبلكم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد. ألا، فلا تتخذوا القبورَ مساجدَ، فإنِّي أنهاكم عن ذلك» (٢).

فإنما نهى عن ذلك، لأنَّ الصلاةَ عندها واتخاذَها مساجدَ ضربٌ من عبادة الأوثان، وسببٌ إليه، لأنَّ عُبَّاد الأوثان ما كانوا يقولون: إنَّ تلك الحجارة والخشب خَلَقتهم، وإنما كانوا يقولون: إنها تماثيل أشخاص معظَّمين من الملائكة أو النجوم أو البشر، وإنَّهم بعبادتهم يتوسَّلون إلى الله. فإذا توسَّل العبد بالقبر إلى الله فهو عابدُ وثن، حتَّى يعبد الله مخلصًا له الدين، من غير أن يجعل بينه وبينه شفعاء وشركاء، كما أمر الله تعالى بذلك في كتابه؛ ويعلمَ أنه ليس من دون الله وليٌّ ولا شفيعٌ، كما أخبر تعالى.

ولهذا جمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين مَحْق التماثيل وتسوية القبور المُشْرِفة، إذ كان بكلاهما (٣)، يُتوسَّل بعبادة البشر إلى الله. قال أبو الهيَّاج الأسدي: قال لي عليٌّ رضي الله تعالى عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أن لا تدعَ تمثالًا إلا طمستَه، ولا قبرًا مُشْرفًا إلا سوَّيته. رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه (٤).


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) كذا في الأصل، وقد سبق الكلام عليه في كتاب الطهارة (ص ٢٧٦).
(٤) سبق تخريجه.