للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو غيره، مع تعذُّره في المنزل، وخشيةِ التضرُّر به لبرد أو غيره.

فصل

وبناءُ الحمَّام من الآمر والصانع، وبيعُه وشراؤه وكراؤه: مكروهٌ. نصَّ عليه، حتى قال: مَنْ له حمَّام لا يبيعه على أنه حمَّام، يبيعه على أنه عَقار، ويهدِم الحمَّام. وكرِه غلَّته، وإن اشترط على المكتري أن لا يُدخِله أحدًا إلا بمئزر، إذا كان الشرط لا ينضبط (١). وقال فيمَن (٢) بنى حمامًا للنساء: ليس بعَدْل (٣)، لأنه لا يسلم غالبًا من المحرَّمات، مثل نظر العورات وكشفها ودخول النساء. وهذه الكراهة كراهة تنزيه عند كثير من أصحابنا.

وقال القاضي: لا يجوز بناؤها وبيعها وإجارتها، كما لم يجُزْ عمل آلة اللهو وبيعُها وإجارتُها، وعملُ أواني الذهب والفضة، وعملُ بيت النار والبيع.

وهذا ينبغي أن يُحمَل على بلاد لا يضطرُّون إلى الحمَّامات كالحجاز والعراق [١٤٥/ب] ومصر. فأمّا البلاد الباردة كالشام والجزيرة وإرمينية و [ما] (٤) تشاءَم عنها (٥)، فإنهم لا يقدرون على الاغتسال في الشتاء إلا في الحمَّامات.

ولهذا قال عمر: عليكم بالشمس، فإنها حمَّام العرب (٦). ولهذا لما ذكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنها ستفتح بلاد العجم وأنَّ فيها بيوتًا يقال لها: الحمَّامات، لم يأمُرْ بهدمها.


(١) انظر: «المغني» (١/ ٣٠٥) و «مسائل أبي داود» (ص ٢٦٥).
(٢) في الأصل والمطبوع: «فمن»، تصحيف.
(٣) «المغني» (١/ ٣٠٥).
(٤) زيادة منِّي.
(٥) زاد بعده في المطبوع: «وغيرها»!
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٤١٨٨)، وابن حبان (٥٤٥٤) من وجه آخر مطول.