للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: هو كالصلاة في الثوب النجس إذا لم يجد طاهرًا. وهذا ضعيف، لأن المقتضي للفساد الحرمة، وقد زالت، فأشبه ما لو كان المصلي فيه امرأة، أو كان قد لبسه لحكَّة أو جَرَب، وأَولى، فإنَّ لُبسَه عند عدم غيره جائز إجماعًا.

ولو كان جاهلًا بأنَّ المكان أو الثوب محرَّم، إمَّا لعدم علمه بأنه مغصوب، كرجلٍ صلَّى في مسجد مدَّةً أو في دار، ثم علِم أنه مكان مغصوب، [ص ٨١] ورجلٍ لبس ثوبًا هو حرير، وهو لا يعلم أنه حرير، أو لعدم علمه بأن الحرير محرَّم، أو بأنَّ القعود في هذا المكان حرام، ونحو ذلك= فلا إعادة عليه هنا، سواء قلنا: إنَّ الجاهل بالنجاسة يعيد، أو لا يعيد؛ لأنَّ عدم علمه بالنجاسة لا يمنع العين أن تكون نجسة. وهنا إذا لم يعلم بالتحريم لم يكن فعلُه معصية، بل يكون طاعة (١). وإن وجب عليه ضمان لحقِّ آدمي.

فصل

ولا فرق في المكان المغصوب أو الثوب المغصوب بينَ أن يكون قد غصب الرقبةَ بيد قاهرة أو دعوى فاجرة، وبينَ غصبِ منافعها بأن يدعي إجارتها دعوى كاذبة، أو يسكنها مدةً بدون إذن أربابها. ولا فرق بين غصب القرار وغصب الهواء مثل أن يُخرج رَوْشَنًا أو ساباطًا (٢) في موضع لا يحِلُّ له.

ولا فرق بين أن يجعل المغصوبَ دارًا أو مسجدًا، مثل أن يغصب أرضًا، فيبنيها مسجدًا، أو يبني المسجد في الطريق الضيقة. ولا فرق بين أن


(١) انظر: «اختيارات ابن اللحام» (ص ٤١).
(٢) الرَّوشن: الكوَّة. والساباط: سقيفة تحتها ممرٌّ نافذ.