للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: قد استحببتم أن يتكلَّم بما ينوي في الحج، وقد نصَّ أحمد على ذلك، وروي عن جماعة من السلف.

قلنا: الفرق بينهما من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنَّ التكلُّم في الحجِّ مأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومأثور عن الصحابة والتابعين، قبل التلبية وفي أثناء التلبية

الثاني: أنَّ الحجَّ ليس في أوله ذكر واجب عند أصحابنا، ولا له حدٌّ من الأفعال الظاهرة يدخل به فيه، فاستُحِبَّ أن يتكلَّم بالنية ليبين أول الإحرام.

الثالث: أنَّ أكثر الناس لا يعلمون ما يقصدون بالإحرام حتى يتكلَّموا به، بخلاف الصلاة والصوم فإنَّ المقصود معلوم لهم، والنية تتبع العلم.

وبكلِّ حال، فلا يستحَبُّ الجهرُ بشيء من اللفظ بالنية، بل يُكرَه الجهر به في الإمام والمأموم، كدعاء الاستفتاح وتسبيح الركوع والسجود، وأولى.

فصل

إذا قطع النيةَ في الصلاة بطلت، لفوات اصطحاب النية؛ لأنَّ جزءًا من الصلاة خلا عن النية، فلم يصحَّ بدون النية، ومتى بطل بعضها بطل جميعها. ولأنه شرط من شرائط الصلاة، فوجب استدامته إلى آخر الصلاة، كالاستقبال والسترة.

وإن عزم أن يقطعها فيما بعد أو تردَّد، هل يقطعها أم لا؟ ففيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها تبطل. قاله القاضي [ص ٢٣٢] وغيره (١)، لأن الواجب عليه


(١) انظر: «المغني» (٢/ ١٣٤)، و «الإنصاف» (٣/ ٣٦٨ - ٣٦٩).