للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استدامة النية ولم يستدِمْها، فأشبه ما لو جزم (١) بالنية قبل الإحرام، ثم تردَّد حين الإحرام، أو نوى حينئذ: سيقطعها. ولأنَّ القياس كان يقتضي استدامة ذكر النية، وإنما سقط لمشقّته، ولا مشقَّة في الإمساك عن التردُّد.

والثاني: لا تبطل. قاله ابن حامد (٢)؛ لأنَّ في حديث ابن مسعود قال: صلَّيتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلةً، فأطال حتَّى هممتُ بأمرِ شرٍّ. قيل له: وما هممتَ به؟ قال: هممتُ أن أجلِسَ وأدَعَه. متفق عليه (٣).

وعن أنس: أنَّ أبا بكر كان يصلِّي بهم في وجع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذي توفِّي فيه حتَّى إذا كان يومُ الاثنين، وهم صفوفٌ في الصلاة، فكشَف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سِتْرَ الحجرة لينظر إلينا وهو قائم، فكأنَّ وجهَه ورقةُ مصحف، ثم تبسَّم فضحك فهمَمنا أن نفتتن من الفرَح برؤية النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنكَص أبو بكر على عقبيه ليصِلَ الصفَّ، وظنَّ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خارج إلى الصلاة، فأشار إلينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن أتِمُّوا صلاتكم. وأرخى السِّتر. متفق عليه (٤).

ولأنَّ المبطِل إنما أن يفسخ (٥) النيةَ وهذا لم يوجد، وإنما تردَّد في فعله، أو عزم عليه، فأشبَه ما لو نوى أن يتكلَّم، فإنه لو نوى أن يفعل ما يُبطِل الصلاة غيرَ قاصد لإبطالها لم تبطُل بلا تردُّد.


(١) في الأصل والمطبوع: «أحرم»، ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) انظر التعليق السابق.
(٣) البخاري (١١٣٥) ومسلم (٧٧٣).
(٤) البخاري (٦٨٠) ومسلم (٤١٩).
(٥) في الأصل: «افتتح»، وفي المطبوع: «أفسد».