للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثانيها: أنه بتقدير صحته ليس فيها تصريح بانتقاض وضوئهم، بل (١) لعلَّهم أُمروا بذلك لأن القهقهة في الصلاة ذنب وخطيئة، فيستحبُّ الوضوء والصلاة عقبها، كما جاء في حديث أبي بكر المتقدِّم؛ وكما أمرَ اللذين اغتابا بأن يُعيدا الوضوء والصلاة في حديث ابن عباس، وكما قد حمل بعضُهم حديث معاذ في الذي لمس المرأة. وهذا لأن القهقهة في الصلاة استخفافٌ بها واستهانةٌ، فيستحبّ الوضوء منها، كالوضوء من الكلام المحرَّم. وهذا أقرب إلى قياس الأصول، وأشبه بالسنة، فحملُ الحديث عليه أولى.

والوجه الثاني (٢): لا يُستحَبّ ولا يُكرَه. وهو ظاهر كلامه، فإنه قال: لا أرى عليه الوضوء (٣). فإن توضَّأ فذلك إليه، إذ لا نصَّ فيه، والقياس لا يقتضيه.

ولو أزال من محلِّ وضوئه ظفرًا أو شعرًا، ظهرت بشرته أو لم تظهر، فإنّ وضوءه بحاله. نصَّ عليه، لأن الفرض متعلِّق بظاهر الشعر والظفر، فظهور الباطن لا يُبطله، كما لو انكشط (٤) جلدُه أو قُطعت يدُه. ولهذا لا يجزئ غسل البشرة المستترة باللحية عن ظاهرها، بخلاف قدم الماسح ورأسه. وفرَّق أحمد بينهما بأن هذا شيء يسير، فهو كما لو نتَف شعرة.


(١) «بل» ساقطة من المطبوع.
(٢) في المطبوع: «الوجه الثاني» دون الواو.
(٣) انظر: «مسائل عبد الله» (ص ٩٩ - ١٠٠) وصالح (٢/ ٤٦٣) وأبي داود (ص ٢١).
(٤) في الأصل: «انكشطت».