للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما لم يكن مرتبطًا لم يجب فيه الترتيب كقوله: [٥٧/ب] {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] وشبه ذلك، وآية الوضوء من القسم الأول.

وأيضًا فإن الترتيب يجوز أن يكون مرادًا من جهة الابتداء، وفعله - صلى الله عليه وسلم - خرج امتثالًا للأمر، ولم يتوضأ قطّ إلا مرتِّبًا، فيكون تفسيرًا للآية، لا سيما ولو كان التنكيس جائزًا لَفعَله ولو مرّةً ليبيِّن الجواز.

وروى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما طاف واستلم الركن، ثم خرج وقال (١): "إن الصفا والمروة من شعائر الله، فابدؤوا بما بدأ الله به". هذا لفظ النسائي (٢). فإما أن يكون اللفظ عامًّا، وإن كان السبب خاصًّا، فيكون حجة من جهة العموم. وإما أن يكون خاصًّا، فإنما وجب الابتداء بالصفا لأن الله بدأ به في خبره. فلَأنْ يجب الابتداء بالوجه الذي بدأ الله به في أمره أولى. فعلى هذا إذا نكس (٣) فغسل يديه قبل وجهه لم يُحتسَب به، ولم يصر (٤) الماء مستعملًا.

وإن نوى المحدث وانغمس في ماء كثير راكد، ففيه وجهان: أحدهما


(١) كذا في الأصل والمطبوع، فلم يرد جواب لمّا.
(٢) برقم (٢٩٦٢). والحديث مشهور في "المسند" و"صحيح مسلم" و"السنن" وغيرها بصيغة الإخبار: "أبدأُ" أو "نبدأ بما بدأ الله به". وينظر: "التلخيص الحبير" (٢/ ٢٥٠).
(٣) في الأصل: "تنكس".
(٤) في الأصل: "يصير".