للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: القدرة على استعمال الماء، إمّا أن يجده إن كان عادمًا، أو يقدر على استعماله إن كان مريضًا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصعيدُ الطيِّبُ طَهورُ المسلم إذا لم يجد الماء عشرَ سنين. فإذا وجد الماء فَلْيُمِسَّه بَشَرتَه، فإن ذلك خيرٌ»، وقد تقدَّم. ثم إن وجده قبل الصلاة بطل التيمُّمُ قولًا واحدًا. وكذلك إن رأى ما يدلُّ على الماء، أو ظنَّ وجودَ الماء، فإنه يلزمه الطلب، ويبطل تيممُّه في أحد الوجهين. وإن وجده بعد الصلاة بطَل أيضًا، فلا يصلّي به صلاة أخرى.

وإن وجده في الصلاة بطل تيمُّمه أيضًا في ظاهر المذهب. وكان قبل ذلك يقول: يمضي فيها ولا يُبطلها (١). فجعل (٢) الخلال وصاحبُه المسألة قولًا واحدًا، لأنَّ الرجوع عنه وجوده كعدمه. وأثبت ابن حامد وغيره المسألة على روايتين، لأنَّ القول الأول قاله باجتهاد، فلا ينتقض باجتهاد ثانٍ؛ بخلاف نسخ الشارع. وكذلك كلُّ رواية عُلِمَ الرجوعُ عنها.

وذلك لأنَّ الصلاة حالٌ لا يجب فيها طلبُ الماء، فلا يجب فيها (٣) استعمالُه، كما بعد الفراغ؛ ولأنه عملٌ صحَّ بالبدل، فلا يبطُل بوجود المبدل منه، كحُكم الحاكم [١٦٨/أ] بشهود الفرع، لا يبطُل بوجود شهود الأصل. ولأنه وُجِد المبدَلُ منه بعد الشروع في البدل، فلم يجب الانتقال إليه؛ كما لو


(١) انظر: «الروايتين والوجهين» (١/ ٩٠)، و «المستوعب» (١/ ١٠٩).
(٢) في الأصل والمطبوع: «فحمل».
(٣) «طلب الماء ... فيها» سقط من المطبوع لانتقال النظر.