للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان كذلك لما صلَّى بين الإبل في السفر؛ وهو خلافُ سنَّة المسلمين، وخلافُ ما كان يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. وأيضًا فلو كانت هذه العلَّة لكان النهيُ عن الصلاة عندها سواء كان في أعطانها، أو غير أعطانها ولم يكن [ص ١٥٦] النهي عن الصلاة في مباركها وأعطانها، سواء كانت حاضرة أو غائبة.

وقال بعضهم: إن مواضعها مناخ الركبان، وكانوا يبولون ويتغوَّطون في أمكنتهم، ثم يرتحلون. فنهى أن يصلَّى في أمكنتها لموضع أبوال الناس.

وقال بعضهم: معنى الحديث أنه كره الصلاة في السهول من الأرض، لأنَّ الإبل إنما تأوي إليها، وتعطِنُ فيها. والغنم إنما تُبَوَّأ (١) وتُراح إلى الأرض الصلبة. قال: والمعنى في ذلك أنَّ الأرض الخوَّارة التي يكثر ترابها ربما كانت فيها النجاسة، فلا يبين موضعها، ولا يأمن المصلِّي أن تكون صلاته فيها على نجاسة. فأمَّا العَزَاز الصُّلب من الأرض، فإنَّه ضاحٍ بارز، لا يخفى موضع النجاسة إذا كانت فيه.

وهذا تكلُّف بارد. فإنَّ الأول يقتضي أن النهي عن مواضعها في الأسفار. وليس بشيء، فإنَّ الصلاة في تلك المواضع جائزة بالسنة الماضية، ولأنَّ المعطِن إمَّا موقفها (٢) عند صَدَرها عن الشرب، أو المكان الذي تأوي اليه.

والثاني يقتضي كراهةَ الصلاة في كلِّ موضع سهل، وهو باطل. ثم هو خلاف تعليل الشارع - صلى الله عليه وسلم -. ثم إنَّ ما ذكره من الفرق بين معاطن الإبل


(١) الكلمة مضبوطة في الأصل.
(٢) في المطبوع: «بوقوفها»، والصواب ما أثبت من الأصل.