للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشعائر واجب، لقول الله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٣٢]، والتقوى واجبة على الخلق، وقد أمر الله بها ووصَّى بها في غير موضع، وذمَّ من لا يتقي الله ومن استغنى عن تقواه، وتوعَّده (١). فإذا (٢) كان الطواف بهما تعظيمًا لهما، وتعظيمُهما من تقوى القلوب، والتقوى واجبة= كان الطواف بهما واجبًا، وفي ترك الوقوف بهما تركٌ لتعظيمهما، كما أنَّ (٣) تركَ الحج بالكلية تركٌ لتعظيم الأماكن التي شرَّفها الله، وترك تعظيمها من فجور القلوب بمفهوم الآية.

وأما قوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فنفس [الآية] (٤) تدلُّ على أنه لم يَقصِد بذلك مجردَ إباحة الوقوف، بحيث يستوي وجوده وعدمه، لأنه جعلهما (٥) من شعائر الله، ثم قال: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ}، والحكم إذا تعقّب الوصف بحرف الفاء عُلِم أنه علة، فيكون كونهما من شعائر الله موجبًا لرفع الحرج. ثم أتبع ذلك بما يدلُّ على الترغيب، وهو قوله: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} الآية. نعم هذه الصيغة (٦) لا تُستعمل إلا فيما يُتوهَّم حَظْرُه، لانعقاد سبب قد يقتضي حَظْره (٧)، كقوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ


(١) في المطبوع: «توعده» بحذف الواو.
(٢) في المطبوع: «وإذا».
(٣) س: «كان».
(٤) زيادة من ق.
(٥) في النسختين: «لأنهما».
(٦) في المطبوع: «الصفة».
(٧) «لانعقاد سبب قد يقتضي حظره» ساقطة من المطبوع.