للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١]، وقوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣]، وقوله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} الآية [المائدة: ٩٣]، فإن المحرِّم للميتة موجود حالَ الاضطرار، والموجِب للصلاة موجود حالَ السفر، كذلك هنا كانت هاتان الشعيرتان قد انعقد لهما سبب من أمور الجاهلية، خِيفَ أن يحرُم التطوُّفُ بهما لذلك. وقد تقدَّم عن أنس أنهم كانوا يكرهون الطواف بهما حتى أنزل الله هذه الآية.

وعن الزهري عن عروة قال: سألتُ عائشة، فقلت: أرأيتِ قول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، فواللهِ ما على أحدٍ جُناحٌ أن لا يطَّوَّف بالصفا والمروة، قالت: بئس ما قلتَ يا ابن أختي (١)، إنّ هذه لو كانت كما أولَّتَها عليه كانت: (لا جناحَ [عليه] أن لا يطَّوَّف بهما)، ولكنها أُنزِلتْ في الأنصار، كانوا قبل أن يُسلموا يُهِلُّون لمناةَ الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلَّل، فكان من أهلَّ يتحرَّج أن يطوف بين الصفا والمروة، فلما [أسلموا] سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقالوا: يا رسول الله، إنا كنّا نتحرَّج أن نطوف بالصفا والمروة، فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية. قالت عائشة - رضي الله عنها -: وقد سَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطوافَ بينهما، فليس لأحدٍ أن يترك الطواف بينهما.

ثم أخبرتُ (٢) أبا بكر بن عبد الرحمن، فقال: إن هذا لعِلْمٌ ما كنتُ سمعتُه، ولقد سمعتُ رجالًا من أهل العلم يذكرون أن الناس ــ إلا من ذكرتْ


(١) في النسختين: «أخي». والمثبت من «الصحيحين».
(٢) القائل هو الزهري.