للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عائشة ــ ممن كان يُهِلُّ لمناةَ كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلما ذكر الطواف (١) بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن، قالوا: يا رسول الله، كنّا نطوف بالصفا، وإن الله أنزل الطواف بالبيت فلم يذكر الصفا، فهل علينا من حرجٍ أن نطوف بالصفا والمروة؟ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية.

قال أبو بكر: فأسمعُ هذه الآية نزلتْ في الفريقين كلاهما (٢)؛ في الذين كانوا يتحرَّجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين يطوفون ثم تحرَّجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام، من أجْلِ أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا، حتى ذكر ذلك بعدما ذكر الطواف بالبيت. متفق عليه (٣).

وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قلت لعائشة وأنا حديث السِّنّ: أرأيتِ قول الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، فما أرى على أحدٍ شيئًا أن لا يطوفَ بهما، فقالت عائشة: كلّا، لو كانت كما تقول كانت (فلا جناحَ عليه أن لا يطوف بهما)، إنما نزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يُهِلّون لمناةَ، وكانت مناةُ حذوَ قُدَيدٍ، وكانوا يتحرَّجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا


(١) في المطبوع: «طواف» خلاف النسختين.
(٢) كذا في النسختين، وهو أسلوب المؤلف في سائر كتبه، يلتزم الألف في «كلاهما» في جميع الأحوال. وفي البخاري: «كليهما» على الجادة.
(٣) البخاري (١٦٤٣) ومسلم (١٢٧٧/ ٢٦١) بطوله، واللفظ للبخاري، ومنه الزيادة بين المعكوفتين.