للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رواية (١): استأذنتْ سودةُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ المزدلفة تدفع قبله، وقبل حَطْمَةِ الناس، وكانت امرأة ثَبِطَةً، يقول القاسم: والثَّبِطة الثقيلة، قالت: فأذِنَ لها، فخرجتْ قبلَ دفعِه، وحبسنا حتى أصبحنا، فدفعنا بدفعِه. ولأن أكون استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأذنتْه سودةُ، فأكون أدفعُ بإذنه أحبُّ إليَّ من مَفروحٍ به. متفق عليه.

فلو كان الإذن في الدفع قبل الإمام عامًّا للناس لم تستأذنه عائشة لسودة، ولو فهمتْ وهي السائلة له أن إذنَه لسودة إذنٌ لكل الناس لم تتأسَّفْ على أنها لم تستأذِنْه لنفسها، وهي أعلم بمعنى ما سألتْه وما أجابها، وإنما كانت الرخصة مقصورةً على ذي العذر، فخشيتْ عائشة أن لا تكون هي من جملة أولي (٢) الأعذار، فبنَتْ على الأصل.

وأيضًا قول ابن عمر: «أَرْخَصَ في أولئك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» وفي لفظ: «لضعفة الناس» وقول أسماء: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذِنَ للظُّعُن»، كلٌّ دليلٌ (٣) على أن الإذن خاصٌّ بالظُّعُن، وأن العُرف (٤) المستقرَّ بينهم أن لا تجوز (٥) إفاضة أحدٍ حتى يُفِيضَ الإمام، حتى رُوِيت الرخصةُ في الضعفاء، ولا [ق ٣٧٣] يلزم من الإذن للضَّعفة الإذنُ لغيرهم؛ لأن تخصيصَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لهم بالذكرِ والإذنِ من بين سائر الناس دلَّ على أن حكم غيرهم بخلاف ذلك.


(١) لمسلم (١٢٩٠/ ٢٩٣). ونحوها عند البخاري (١٦٨١).
(٢) ق: «أهل».
(٣) كذا في النسختين.
(٤) في المطبوع: «المعرف».
(٥) في المطبوع: «أنه لا يجوز».