للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنها: أنه إذا أخَّرها ختَم عملَه بالصلاة، ونام عليها، ولم يتحدَّث بعدها. فختَم عمله بخير، وأمِن من كراهة السمر بعدها.

ومنها: أن الأصوات تكون قد هدأت، والعيون قد رقدت. وذلك أقرب إلى نزول السكينة، واجتماع الهمِّ على الصلاة، والخشوع فيها، وبُعدها عن الشواغل وما يلهي المصلِّي.

ومنها: أن يبعُد العهدُ بأعمال النهار وحركاته، والأفكار والوساوس الحاصلة بسبب ذلك.

ويستحَبُّ تأخيرها بكلِّ حال، في إحدى الروايتين، على ظاهر الحديث المتقدِّم عن أبي برزة وجابر بن سمرة. ولأنَّ قوله في حديث ابن عباس وأبي هريرة: «لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتُهم أن يؤخِّروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه» (١) إنما نفى به أمرَ الإيجاب، فإنَّ المشقَّةَ (٢) إنما تحصل بالإيجاب دون الاستحباب، وهو يقتضي قوة استحباب التأخير، إذ كان المقتضي للوجوب قائمًا لولا وجودُ المانع. وسواء شقَّ عليهم التأخير [ص ٥٠] أو لم يشُقَّ، فإنَّ ذلك لا يمنع الاستحباب، كما في قوله عليه السلام: «لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتُهم بالسواك عندَ كلِّ صلاة»، وقوله: «لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتُهم بالوضوء عند كلِّ صلاة» (٣).

والرواية الثانية: أنَّ المستحَب التأخير الذي لا يشُقُّ على المأمومين


(١) تقدم تخريجهما.
(٢) في الأصل والمطبوع: «السنّة»، تحريف.
(٣) تقدم تخريجه.