للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يختلف المذهبُ فيه، إلا أن يريد الفطرَ بالجماع، ففيه روايتان (١):

إحداهما: ليس له ذلك، وعليه الكفارة إذا أفطر بجماع، نصَّ عليه في رواية مثنّى بن جامع (٢).

وكذلك إذا قلنا فيمن نوى الصومَ ثم سافر إنه ليس له الفطر، فجامعَ فعليه الكفّارة؛ لأن الواجبَ الموسّعَ إذا شَرَع فيه ثم أراد الخروج منه (٣)، لم يكن له ذلك، كما لو شَرَع في قضاءِ رمضان، والصلاةِ في أول الوقت.

والصومُ في السفر أدنى أحواله أن يكون بمنزلة الواجب الموسَّع، فكان القياس أن لا يجوز الخروج منه بعد الدخول فيه.

نعم، جاز ذلك بالأكل والشرب لمجيء السنة به، ولأن الحاجة تدعو إليه، فرخَّص في الخروج منه للحاجة.

أما هَتْك صوم رمضان الواجب بالجماع، فلم يجئ فيه رُخصة، ولا تدعو الحاجةُ إليه، وهذا كما أن السفَرَ يبيحُ الصلاة في السفينة للحاجة، ولا يبيحها على الراحلة، وإن اشتركا في عدم الاستقرار.

ولم يذكر القاضي في «المجرَّد» (٤) إلا هذا، قال: وعلى هذا الأصل


(١) ينظر «الفروع»: (٤/ ٤٤٣ - ٤٤٤)، و «الإنصاف»: (٧/ ٣٧٩ - ٣٨٠).
(٢) هو مثنَّى بن جامع أبو الحسن الأنباري، روى عن أحمد مسائل حسانًا. ترجمته في «طبقات الحنابلة»: (٣/ ٤١٠ - ٤١٣).
(٣) سقطت من المطبوع.
(٤) كتاب «المجرد» من مصنّفات أبي يعلى القديمة التي رجع فيها عن بعض آرائه، قال المصنف في الكلام عليه: «فالقاضي - رضي الله عنه - صنف «المجرد» قديما بعد أن صنف «شرح المذهب» وقبل أن يحكم «التعليق» و «الجامع الكبير» وهو يأخذ المسائل التي وضعها الناس وأجابوا فيها على أصولهم، فيجيب فيها بما نص عليه أحمدُ وأصحابُه وبما تقتضيه أصوله عنده، فربما حصل في بعض المسائل التي تتفرّع وتتشعّب ذهولٌ للمفرِّع في بعض فروعها عن رعاية الأصول والنصوص في نحو ذلك». «مجموع الفتاوى»: (٣٠/ ٢٩٩ - ٣٠٠).