للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن عباس أنَّ رجلًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - احتلم في برد شديد، فاستفتى، فأُفتِيَ أن يغتسل، فمات. فبلغ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: «قتلوه، قتلهم الله (١)! إنما شفاءُ العِيِّ السؤالُ» رواه حرب (٢).

ولأنه إذا خاف المرضَ باستعمال الماء، فهو كما لو خاف زيادته، وأولى. والمخوف هنا إمّا التلف، وإمّا المرض، على ما تقدَّم. فأمّا نفسُ (٣) التألُّم بالبرد، فلا أثر له لأنَّ زمن ذلك يسير؛ وإسباغ الوضوء على المكاره مما يكفِّر الله به الخطايا.

ومتى أمكنه تسخين الماء واشتراؤه بثمن المثل ــ كما تقدَّم ــ أو الدخول إلى الحمّام بالأجرة لزمه ذلك، لأنّ قدرته على الماء الحارِّ كقدرة المسافر على الماء المطلق (٤). وكذلك إن وجد من يُقرضه أو يبيعه أو يُكريه بثمن في الذمَّة، وله ما يوفيه بعد خروج الوقت، لأن زمن ذلك يسير؛ بخلاف المسافر في أحد (٥) الوجهين، لأنَّ المدة تطول ويخاف تلفَ المال وبقاءَ الذمَّة مشغولةً (٦). وكذلك إن أمكنه أن يغتسل عضوًا عضوًا، وكلَّما غسل شيئًا ستَره.


(١) كرَّر ناسخ الأصل «قتلوه» وترك لفظ الجلالة.
(٢) في «مسائله» (١/ ٢٠٢) وسقط منه الشطر الأول من الحديث، وقد تقدم تخريجه.
(٣) في المطبوع: «نفي»، تحريف.
(٤) في الأصل: «المطلق الماء».
(٥) في الأصل: «إحدى».
(٦) أي بثمن الماء. وقد زاد في المطبوع بعده بين القوسين: «بالتيمم»، وهو خلاف المقصود.