للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن أفاض من عرفات عند طلوع الفجر، يذكر الله إذا أفاض بعد طلوع الفجر بنصّ الآية.

وأيضًا فإن الله أمر كلَّ مُفيضٍ من عرفات بذكره عند المشعر الحرام، فلو كان وقت هذا الواجب يفوت بطلوع الفجر، لم يُمكِن كلَّ مفيضٍ امتثالُ هذا الأمر.

وأيضًا فإن وقت التعريف يمتدُّ إلى طلوع الفجر، فلا بدَّ أن يكون عقيبَه وقتٌ للمشعر الحرام؛ لئلا يتداخل وقت هذين النسكين.

وأما السنة: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -[ذكر] (١) الوقوف بالمزدلفة، وشهود صلاة الصبح، والوقوف معه، وإنما جاء المبيت بمزدلفة تبعًا، لأن الوقوف بعد الفجر، وإنما يكون ذلك بعد المبيت، فكيف يكون المقصود تبعًا والتبع مقصودًا؟!

وأيضًا فما روى إبراهيم عن الأسود: أن رجلًا قدِمَ على عمر بن الخطاب وهو بجَمْعٍ بعدما أفاض من عرفات (٢)، فقال: يا أمير المؤمنين، قدمتُ الآنَ، فقال: أما كنتَ وقفتَ بعرفات؟ قال: لا، قال: فائْتِ عرفَة، وقِفْ بها هُنَيَّةً (٣)، ثم أَفِضْ. فانطلق الرجل، وأصبح عمر بجَمْعٍ، وجعل يقول: أجاء الرجل؟ فلما قيل: قد جاء، أفاض. رواه سعيد بإسناد صحيح (٤)، واحتج به أحمد.


(١) مكانه بياض في النسختين.
(٢) في المطبوع: «بعرفات» خلاف النسختين.
(٣) في المطبوع: «هنيهة» خلاف النسختين. وانظر «تاج العروس» (هنو).
(٤) وأخرجه الطحاوي في «أحكام القرآن» (١٤٤٠) بنحوه. وفي إسناده لين من أجل الحجاج بن أرطاة.