للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على إباحة ما هو أعلى منه ضررًا، فنصَّ على الفأرة تنبيهًا بها (١) على ما هو أكبر منها من الحشرات، وذكر الغراب تنبيهًا به على ما هو أكبر منه من الجوارح، وذكر الكلب العقور ــ وهو أدنى السِّباع ــ تنبيهًا به على سائر السباع.

قالوا: وفحوى الخطاب تنبيهه الذي هو مفهوم الموافقة أقوى من دليله الذي هو مفهوم المخالفة، وربما قالوا: الكلب العقور اسم لجميع السباع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في دعائه على عتبة (٢) بن أبي لهب: «اللهم سلِّطْ عليه كلبًا من كلابك»، فأكله السبع (٣).

وعنه رواية أخرى: أنه إنما يقتل إذا عدا عليه بالفعل، فإذا لم يعدُ فلا ينبغي قتله؛ لأنه قال في رواية حنبل (٤): فإن قتل شيئًا من هذه من غير أن


(١) «بها» ساقطة من المطبوع.
(٢) كذا في النسختين وفي معظم مصادر التخريج، والصواب: «عتيبة»؛ لأن عتبة عاش وأسلم وشهد حُنينًا، وأقام بمكة ومات بها. انظر «الإصابة» (٧/ ٧٩).
(٣) أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (٣/ ٢٠٧) من حديث هبار بن الأسود بإسناد واهٍ. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في «بغية الباحث» (٥٧٢)، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (٢/ ٥٣٩) وغيرهما من حديث أبي عقرب بنحوه إلا أن المدعو عليه فيه «لهب بن أبي لهب»، وإسناده واهٍ أيضًا. وله طرق أخرى واهية، وأصحّ طرقه مُرسل محمد بن كعب القرظي، ورواية عثمان بن عروة بن الزبير عن رجال من أهل بيته، رواهما ابن إسحاق في «المغازي»، ومن طريقه الدولابي في «الذرية الطاهرة» (٧٧) وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (٣٨١). ويشهد لأصل القصة مُرسل طاوس بلفظ: «ألا تخاف أن يسلط الله عليك كلبه؟» وكذا مُرسل قتادة بنحوه، أخرجهما عبد الرزاق (٢/ ٢٥٠) والطبري (٢٢/ ٦ - ٧) في «تفسيريهما».
(٤) سبق ذكرها.