للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنهم جعلوا هذا من القسم الذي تُكرَه الصلاة فيه ولا تَحرُم، لأنَّ أحمد كرِه ذلك (١)؛ ولأنهم لم يستثنوه من الأمكنة التي تجوز (٢) الصلاة فيها.

ولأصحابنا في الكراهة المطلقة من أبي عبد الله وجهان (٣)، أحدهما: أنه محمول على التحريم. وهذا أشبه بكلامه، وأقيس بمذهبه، لأنه قد قال في الصلاة في مواضع نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنها: يعيد الصلاة (٤). وكذلك عقد القاضي والشريف أبو جعفر وغيرهما الباب في ذلك (٥) بأنَّ كلَّ بقعة نُهي عن الصلاة فيها مطلقًا لم تصحَّ الصلاة فيها كالأرض النجسة.

وهذا ظاهر، فإنَّ الواجب إلحاق هذا بمواضع النهي، لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، كما نهى عن الصلاة في المقبرة، ونهى الله نبيَّه أن يقوم في مسجد الضِّرار، ونهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الدخول إلى مساكن المعذَّبين عمومًا. فإذا كان الله نهى عن الصلاة في الأماكن الملعونة خصوصًا، ونهى [نبيُّه] (٦) عن الدخول إليها


(١) في «مسائل عبد الله» (ص ٦٨): «سمعت أبي سُئل عن أرض الخسف يصلَّى فيها، فكره ذلك».
(٢) في الأصل وفي المطبوع: «لا يجوز»، والظاهر أن «لا» مقحمة.
(٣) انظر: «المسودة» (ص ٥٣٠) و «الفروع مع التصحيح» (١/ ٤٥).
(٤) انظر: «مسائل عبد الله» (ص ٦٧).
(٥) في الأصل: «عند القاضي ... ذلك». وعلَّق الناسخ على «أبو جعفر» بأن صوابه: «أبي جعفر». ثم علَّق على «الباب» بقوله: «لعله: في ذلك الباب». أما محقق المطبوع، فأثبت في المتن: «عند ... أبي جعفر وغيرهما طرد الباب في ذلك». فغيَّر «أبو جعفر» وزاد كلمة «طرد» دون إشارة إلى ما فعل. والظاهر أن «عند» تصحيف «عقد» كما أثبت، والعبارة بعدها سليمة.
(٦) زيادة يقتضيها قوله فيما بعد: «خلفاؤه».