للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأنَّ المأموم يعتقد أنَّ الإمام يترك شرطًا من شرائط الصلاة للعجز عنه، فأشبه ما لو كان الإمام عاريًا، أو مُحدِثًا وعَدِم (١) الماء والتراب، أو مربوطًا إلى غير القبلة، أو حاملًا لنجاسة لا يقدر على إزالتها، أو أمِّيًّا، أو أقطع.

وأيضًا فإنه هنا يتيقَّن أنَّ صلاته اشتملت على ترك استقبال القبلة، وكلُّ صلاة تيقَّن أنه ترك فيها استقبال القبلة فهي باطلة؛ لأنه إن كان هو المصيب فصلاته مبنيَّة على صلاة إمامه، وصلاةُ إمامه على هذا التقدير إلى غير القبلة، فتكون صلاته إلى غير القبلة، مع القدرة على ترك ذلك. وإن كان إمامه هو المصيب، فصلاته هو إلى غير القبلة.

وبهذا يظهر فقه المسألة، فإنَّ العفو عما يجوز أن يكون صوابًا أو خطأً، إذا ضُمَّ إليه ما يتيقَّن باجتماعهما حصولُ الخطأ، لم يحصل العفو عنهما جميعًا؛ كما لو أحدث أحد رجلين (٢)، ولم يعلم عينه، وقلنا لكلٍّ منهما أن يصلِّي، فليس لأحدهما أن يأتمَّ بالآخر. وكما لو قال رجل: إن كان هذا الطائر غرابًا فعبدي حرٌّ، وقال آخر: إن لم يكن غرابًا فعبدي حُرٌّ. فإذا اجتمع العبدان في ملك واحد حكمنا بعتق أحدهما.

وبهذا يظهر الفرق بينه وبينما إذا ترك الإمام ما يعتقده المأموم ركنًا أو شرطًا، لأنه لا يتيقَّن اشتمال الصلاتين على مبطِل، لجواز أن يكون اعتقاد إمامه صوابًا، وحينئذ فتكون صلاة الإمام صحيحة في الباطن، وكذلك صلاته؛ لأنه لم يترك شيئًا، ومجرَّدُ اعتقاد إمامه (٣) لا يؤثِّر في صلاته.


(١) كأن في الأصل: «لعدم»، والمثبت من المطبوع.
(٢) أشار الناسخ في الحاشية أن في أصله: «أحدث رجلين»، يعني أن كلمة «أحد» ساقطة.
(٣) في الأصل والمطبوع: «إيمانه»، تحريف.