للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم، نظير مسألة القبلة: أن يفعل أحدهما شيئًا ويتركه الآخر، وهو [ص ٢٢١] عند أحدهما واجب (١)، وعند الآخر مبطل. فإنه هنا إن كان واجبًا فقد تركه أحدهما، وإن كان مبطِلًا فقد فعله أحدهما، فالصلاة مشتملة على تركِ واجب أو فعلِ محرَّم بيقين.

على أنَّ القياس على مسائل الاجتهاد الفقهية قد فرَّق بينهما، إذا سُلِّم بما تقدَّم في التي قبلها. وذلك أنَّ مسائل الاجتهاد إذا لم يخالف الرجلُ فيها كتابًا ولا سنّةً ولا اجماعًا، فإنه لا يُنقَض حكمه، ولا يُحكم (٢) بخطئه، ولا يُحكَم ببطلان صلاته، ولا يُنهَى عن استفتائه، ولا يُنهى (٣) أن يعمل باجتهاده؛ بل قد يؤمر باستفتائه، إما لأنَّ الحكم يختلف باختلاف الاجتهادات، كما يقوله من يعتقد: كلُّ مجتهد مصييب؛ أو (٤) لأنَّ الناس لم يكلَّفوا إلا ما يقتضيه رأيهم وإن كان في الباطن أشبه، كما يقول أصحاب الشبه؛ أو لم يكلَّفوا إلا طلبَ ما هو الحقُّ في الباطن سواء أصابوه أو أخطؤوه وقد عفي عنهم إذا أخطؤوه. أو لأنه وإن كان مخطئًا في اجتهاده وحكمه، فإنَّ الله تعالى رفع الحرج فيها عن المخطئ، وجعل له أجرًا على اجتهاده إقرارًا لكلِّ ذي رأي على رأيه، مع أنَّ الحقَّ عند الله واحد؛ لخفاء مدركها، وخفّة أمرها، ومشقَّة إصابة الحقِّ فيها، وعموم الرحمة والمصلحة


(١) في المطبوع: «واجب فعله»، وهو خطأ. وقد كتب الناسخ «فعله» فوق «واجب» مع علامة صح، ومكانها بعد «مبطلًا فقد» في السطر التالي، وقد وضع علامة اللحق. وقد أثبت المحقق «فعله» في الموضع المقصود أيضًا.
(٢) في الأصل والمطبوع: «حكم».
(٣) في الأصل والمطبوع: «ينهاه».
(٤) في الأصل والمطبوع واوا لعطف.