للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن ابن عمر قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي على راحلته تطوعًا أينما توجَّهت به، وهو جاءٍ من مكة إلى المدينة. وقرأ ابن عمر هذه الآية: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]، وقال ابن عمر: في هذا أنزلت هذه الآية. رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي صحَّحه (١).

وعن عامر بن ربيعة قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على راحلته يسبِّح، يومئ برأسه قِبَلَ أيِّ وجهٍ توجَّه. ولم يكن يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة. متفق عليه (٢).

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصلِّي على راحلته تطوعًا حيث توجَّهت به في السفر، فإذا أراد أن يصلِّي المكتوبة نزل، فاستقبل القبلة. رواه أحمد والبخاري (٣).

وهذا في الحقيقة يعود إلى المعنى الأول، لأنَّ المسافر أكثرَ أوقاته سائر، وإذا كان سائرًا لا يمكنه التنفلُ إلا (٤) إلى جهة قصده، أو أن يُبطل سفرَه، وفي إبطال السفر ضررٌ عليه، فصار عاجزًا عن النافلة إلا على هذا الوجه؛ بخلاف المكتوبة، فإنَّ زمنها يسير. ولا فرق في ذلك بين السفر الطويل والقصير، لأنَّ احتياج الإنسان إلى التطوع في السفر القصير كاحتياجه إليه في الطويل.


(١) أحمد (٥٠٠١)، ومسلم (٧٠٠)، والنسائي (٤٩٢)، والترمذي (٢٩٥٨).
(٢) البخاري (١٠٩٧) ومسلم (٧٠١).
(٣) أحمد (١٤٢٧٢) والبخاري (١٠٩٩).
(٤) «إلا» ساقط من المطبوع.