للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في رواية أبي طالب (١): ويُروى عن علي بن أبي طالب: قطعُ الخفَّين فساد (٢). يلبسهما كما هما. ولو كان عليه كفارة في لُبسهما ما كان رخصة.

وهذا الكلام يقتضي كراهة قطع الخف. وهذا أصح؛ لأن الأمر بقطعهما منسوخ كما تقدم، وقد اطلعوا على ما خفي على غيرهم.

فإن قيل: فهلّا أوجبتم الفدية مع اللُّبس؟ لأن أكثر ما فيه [ق ٢٣٧] أنه قد لبس السراويل والخف لحاجة. والمحرم إذا استباح (٣) شيئا من المحظورات لحاجة فلا بدَّ له من الفدية، كما لو لبس القميص أو العمامة لبردٍ أو حرٍّ أو مرضٍ.

قلنا: لو خُيِّل إلينا أن هذا قياس صحيح لوجب تركه، لأن الذي أوجب في حلق الرأس ونحوه للحاجةِ الفديةَ هو الذي أباح لبس السراويل والخف بغير فدية، حيث أباح ذلك. ولو أوجب الفدية لما أمر بقطعه أولًا وسِيَّما (٤) من غير فديةٍ كما تقدم تقريره. فإذا قِسْنا أحدهما بالآخر كان ذلك بمنزلة قياس البيع على الربا، فإنه لا يجوز الجمع بين ما فرَّق الله بينه، فكيف وقد


(١) أشار إليها القاضي في المصدر السابق. ونحوها رواية أبي داود في «مسائله» (ص ١٧٣).
(٢) لم أقف على قول علي مُسندًا إليه.
(٣) ق: «احتاج».
(٤) الكلمة في النسختين مرسومة بدون نقطة، وهكذا استظهرتها. والأصل استخدامها مع «لا»، فيقال: «ولاسيَّما». وربّما تُحذف «لا» للعلم بها، وهي مرادة، لكنه قليل. انظر «تاج العروس» (سوو).