للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من حكى الروايتين في السفينة، وقال في الراحلة: لا تجوز الصلاة عليها رواية واحدة إلا لعذر، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

ووجه الأول: ما روى عبد الله بن عتبة قال: سافرتُ مع أبي الدرداء وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصلَّوا في السفينة قيامًا، وأمَّهم بعضُهم بمقدَّمهم. قال: ولو شئنا أن نخرج إلى الجُدِّ (١) الآخر خرجنا. والجُدُّ هو الشاطئ. رواه سعيد (٢). ولأنه مكان معتاد للتمكُّن عليه أتى فيه بجميع الشرائط والأركان، فصحَّت صلاته عليه كالسرير.

وأما كونُ المصلِّي متحرِّكًا، فليس بصحيح، لأنه في نفسه ساكن مستقِرٌّ، وإنَّما يوصف بالحركة على سبيل التبع، لأنَّ مستقَرَّه متحرِّك، لكن تلك الحركة لا أثر لها في صلاته، فإنه لا فرق بين الجلوس في السفينة والجلوس على الأرض.

وأما الصلاة على العجلة، فقال ابن عقيل: لا تصح الصلاة على العجلة. قال: وهي خشبة على بَكَر، تسير على تلك البَكَر، لأنَّ ذلك ليس بمكان مستقِرّ عليه، فأشبه الأرجوحة. وعدَّ غيرُه من أصحابنا الصلاة فيها كالصلاة في السفينة، تصِحُّ في ظاهر المذهب. وهذا أجود.


(١) في الأصل والمطبوع بالحاء المهملة هنا وفيما بعد، والظاهر أنه بالجيم كما أثبت. في «غريب الحديث» لابن الجوزي (١/ ١٤٢) أن ابن سيرين كان يختار الصلاة على الجُدِّ، وهو شاطئ النهر، وبه سمِّيت جُدَّة. وانظر: «النهاية» (١/ ٢٤٥).
(٢) وأخرجه ابن أبي شيبة (٦٦٢٦).