محرَّم. أما البناء [ص ١٧٠] في المقبرة المسبَّلة، فإنَّ الصلاة عليه صلاةٌ على مكان مغصوب. والصلاة في علو المسجد صلاة في مسجد في القبور. وأيضًا فإنَّ الصلاة على ظهر البناء المذكور اتخاذٌ للقبور مساجد، ودخول في لعن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أهلَ الكتاب عليه، فانهم لما اتخذوا الأبنية على قبور أنبيائهم وصالحيهم لُعِنوا على ذلك، سواء صلَّوا في قرار المبنى أو علوه.
وان كان الميت قد دُفن في دارٍ، وأعلاها باقٍ على الإعداد للسكنى، فعلى ما ذكره أصحابنا تجوز الصلاة فيه، لأنَّ ذلك ليس من المقبرة أصلًا ولا تبعًا، إلا أن نقول بإلحاق العلو بالسفل مطلقًا، على الوجه الذي تقدَّم في علو العطَن والحُشَّ إذا كان مسجدًا.
وإن لم يبق مُعَدًّا للسكنى ونحوها، فهو كما لو دُفن في أرض مملوكة، ثم بُني عليه بناء لم يُعَدَّ للسكنى. فعلى ما دلَّ عليه كلام أحمد وأكثر أصحابه، لا يصلَّى فيه لأنَّ هذا البناء منهيٌّ عنه، وهو تابع للقرار في الاسم، فيقال هذه التربة وهذه المقبرة للعلو والسفل. ولأنَّ الصلاة في علو هذا المكان بالنسبة للمِّيت كالصلاة في أسفله. ولأنَّ حكمة النهي عن الصلاة عند القبر هو ما فيه من التشبُّهِ بعبادة الأوثان، والتعظيمِ المفضي إلى اتخاذ القبور أوثانًا؛ وهذه الحكمة موجودة بالصلاة في قرار الأبنية وعلوها، سواء قصد المصلِّي ذلك، أو تشبَّه بمن يقصد ذلك؛ وخيف أن يكون ذلك ذريعة إلى ذلك. ومن أجاز هذا البناء من أصحابنا ولم يجعل العلو تابعًا للقرار، فإنه يلزمه أن يجوِّز الصلاة فيه.