للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يكن البناء تابعًا فالهواء أيضًا ليس بطريق، وإنما هو من حقوق الطريق. ولا يلزم أن يكون حكم حقِّه كحكم نفسه في كلِّ شيء. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّل النهي عن الصلاة في الجوادِّ بأنها مأوى الحيَّات والسِّباع، وهذا مفقود في العلو. ولأنَّ الصلاة على يَمنة الطريق ويَسرته تجوز لكونها ليست من الجوادِّ والمحجَّة، فالعلو أبعَد عن الجادَّة والمحجَّة من ميمنتها وميسرتها. ولو كان غصبُ الميمنة والميسرة لا يجوز، ولو صلَّى فيها وهو غاصب لها لم تصحَّ صلاته.

ولأنَّ العُلْوَ إنما يتبع القرارَ في حكمه إذا لم يميَّز عن السُّفل، بل يُجعَل سقفًا له فقط. فأمَّا إذا أُعِدَّ لشيء غير ما أُعِدَّ له السُّفل لم يكن طريقًا البتَّة كالمسكن والمسجد المبنيِّ على ظهر السِّقاية ونحوها، فإنه ليس بسقاية. ولأنَّ الصلاة في السفينة [و] (١) على الراحلة تجوز في الجملة مع مسيرها في الطريق، فالصلاةُ على سقف الطريق أولى أن لا يكون صلاةً في الطريق، وأولى بالجواز.

قال بعض أصحابنا: ولأنه لو كان [علَّةُ] (٢) المنع في علو الطريق كونه تبعًا له لجازت الصلاة في الساباط على النهر، لأنه موضع للصلاة في الجملة، بدليل ما لو جمد ماؤه أو كان في سفينة. وهذا ضعيف، لأنه إذا جمد لم يبق طريقًا للسفن، فإن مرَّ الناس فيه واتخذوه طريقًا لم تجُز الصلاة فيه. وأما الصلاة في السفينة، فهي كالصلاة على الراحلة، تجوز مع مسيرها في الطريق. فثبت أنَّ علَّة المنع أنه بناءٌ في هواء الطريق، وهذا غير جائز؛ لما


(١) زيادة من حاشية الناسخ.
(٢) زيادة منِّي.