للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنفسهما عند الحاجة كما يفتدي الأسير والرقيق أنفسهما، وكما تفتدي المرأة نفسها من زوجها.

ومعلوم أنه إذا لم يحتجْ إلى الحلق لم يأذن الله له أن يفتدي نفسه، ولا يفتكُّ (١) رقبته [ق ٢٩٢] من حبْس (٢) الإحرام، فلا يكون الواجب عليه فدية.

والله سبحانه إنما ذكر التخيير تقسيمًا للفدية وتوسيعًا في الافتداء، فلا يثبت هذا الحكم في غير الفدية. وبهذا يظهر الفرق بين هذه الفدية وبين جزاء الصيد وكفارة اليمين؛ لأن الله ذكر التخيير في جزاء الصيد مع النص على أنه قتله متعمدًا، فكان التخيير في حق المخطئ أولى، وذكر الترتيب والتخيير في كفارة اليمين مطلقًا.

وأيضًا فإنها كفارة وجبت لفعل محظور، فتعيَّن فيها الدم ككفارة الوطء وتوابعه، ومعلوم أن إلحاق المحظور بالمحظور أولى من إلحاقه بجزاء الصيد.

ولأن الله أوجب الدم على المتمتع عينًا حيث لم يكن به حاجة إلى التمتع بحِلّه مع جواز التمتع به، فلأن يجب على من تمتع في الإحرام من غير حاجة مع تحريم الله أولى، وعكسُه المعذور.

ولأنها كفارة وجبت لجناية على الإحرام لا على وجه المعاوضة، فوجب الدم عينًا كترك الواجبات، وعكسه جزاء الصيد فإنه وجب بدلًا (٣) لِمُتلَف، فهو مقدَّر بقدر مُبدَلِه، وأبدالُ المتلَفات لا يفرَّق فيها بين مُتلَف ومُتلَف، بخلاف الكفارات التي لخللٍ في العبادة كالوطء في رمضان


(١) ق: «يفك».
(٢) «حبس» ساقطة من المطبوع.
(٣) في المطبوع: «بدل» مكان «وجب بدلًا».