إيمانه، والقول بسنة النبي- صلى الله عليه وسلم- فليس عند أحدهم أحد يعرف ربه، ولا يقول عليه الحق غيره، أو من كان مثله.
ثم هم فرقتان: فرقة ضالة مضلة لا تفطن لضلالته، لا تساعها في الحجاج، ومعرفتها بدقائق مذاهب الكلام، وحسن العبارة بالرد على من خالفها، فهم عند أنفسهم من القائلين على الله بالحق، والرادين لكل ضلالة، لا أحد أعلم منهم بالله، ولا أولى به منهم. والفرقة الثانية من المغترين بالجدل والبصر بالحجاج، تقول بالحق ولا تدين بغيره، وقد اغترت بالجدل. ترى أنه لا يصح لها قول دون الفحص والنظر وقيام الحجة على من خالفها، فقد اغترت بذلك، حتى قطعت أعمارهم بالاشتغال عن الله وعمى عليها أكثر ذنوبها وخطاياها، وهي تظن أن ذلك أولى بها وأقرب لها إلى ربها، وهي أيضًا لا تسلم في مجادلتها من أن تخطئ في تأويلها، وقولها: إلا أن اعتقادها السنة مع اغترارها.
ثم قال:(باب) ما تنفى به الغرة بالجدل والحجاج: أما الفرقة الضالة فإنها تنفي ذلك بأن ترجع إلى نفسها، فتعلم أن من القرآن محكمًا ومتشابهًا، وكذلك (من) السنة فلا يقضى بمتشابه على محكم، ويقضى بالمحكم على المتشابه، وأن الخطأ في التأويل لا يحصى، فتتهم نفسها وتعلم أن الله سائلها عما تدين به. والجماعة قد مضت على الهدى وسنة نبيها- صلى الله عليه وسلم- فلا تخرج من إجماعها وإن حسن ذلك في عقولها فإن تثبتت كما وصفت لك أبصرت ضلالها ولم تغتر بشدة حجاجها إذا علمت أن غيرها ممن خالفها شديد الحجاج.