للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخدري وغيرهم فصنعا مثل ذلك، وحث العلماء على اجتناب هؤلاء، ونبهوا المسلمين من مكالمتهم، خوفًا أن يضلوا مسلمًا عن دينه بشبهة، وامتحان، أو بزخرف قول من لسان. فمضت على هذا القرون يتواصل الأولون للآخرين حتى ضرب الدهر ضرباته، وأبدى من نفسه حدثاته، وظهر قوم أجلاف، زعموا أنهم لمن قبلهم أخلاف، وادعوا أنهم أكثر منهم في المحصول، وفي حقائق العقول، وأهدى إلى التحقق، وأحسن نظرًا منهم في التدقيق، وأن المتقدمين تفادوا من النظر لعجزهم. ورغبوا عن مكالمتهم لقلة فهمهم، وأن نصرة مذهبهم في الجدال معهم، حتى أبدلوا من الطيب خبيثًا، ومن القديم حديثًا، وعدلوا عما كان عليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وبعثه الله به، وأوجب عليه دعوة الخلق إليه، وامتن على عباده بإتمام نعمته عليهم بالهداية إلى سبيله فقال تعالى {واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به}. فوعظ الله عباده بكتابه؛ وحثهم على إتباع سنة رسوله ليبين لهم حكمته، ويدعو إلى دينه بكتابه وسنته فقال في آية أخرى {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}، لا بالجدال والخصومة، فرغبوا عنها وعولوا على غيرها، فسلكوا بأنفسهم مسلك المضلين، وخاضوا مع الخائضين، ودخلوا في ميدان المتحيرين، وابتدعوا من الأدلة ما هو خلاف الكتاب والسنة رغبة للغلبة وقهر المخالفين للمقابلة.

ثم اتخذوها دينًا واعتقادًا [بعد] ما كانت دلائل الخصومات

<<  <   >  >>