يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}. وقال النبي "صلى الله عليه وسلم": "لا دخل الجنة إلا نفس مؤمنة"، وهذال حديث ثابت لا شك فيه.
ومما يدل على صحة ما ذهبنا إليه من أن الدين طريقة الإتباع: أنا إذا سلكنا طريق الإنصاف، وطرحنا التباغي والمكابرات من جانب، فلابد من الانقياد لما قلناه، لان المقصود من النظر في الابتداء، إذا كان هو إصابة الحق، فليتدبر المرء المسترشد أحوال هؤلاء الناظرين، وكيف تحيروا في نظرهم وارتكسوا فيه، فلئن نجا واحد بنظره، فقد هلك فيه الألوف من الناس، وغلى أن يبصر واحد فواحد بنظرة طريق الحق بنظر رحمة سبق من الله له، فقد ارتطم ب طريق الكفر والضلالات والبدع بنظرهم أضعاف عدد الأولين.
وهل كانت الزندقة والإلحاد وسائر أنواع الكفر والضلالات والبدع منشؤها وابتداؤها إلا من النظر، ولو أنهم أعرضوا عن ذلك، وسلكوا طريق الإتباع، ما أداهم إلى شيء منها، فما من هالك في العالم، إلا وبدو هلاكه من النظر ن ومات من ناج في الدين سالك سبيل الحق إلا وبدو نجاته عن حسن الإتباع. أفيستجيز مسلم أن يدعو الخلق إلى مثل هذا الطريق المظلم، ويجعله سبيل منجاتهم فكيف يجد ذولب وبصيرة أن يسلك مثل هذا الطريق وأنى له الأمان من هذه المهالك وكيف له المنجاة من أودية الكفر وعامتها بل جميعًا إنما يهبط عليها من هذه المرقاة، أعني طلب الحق من النظر، ولو أعطى الخصم النصفة لا يجد بدًا من الإقرار أن من كان غوره في النظر أكثر كان حيرته في الدين أشد وأعظم.