شيخنا المذكور في الخطبة وبين فقهاء الحنفية من كثرة التنازع والاختلاف في الفتاوى الفقهية، ونسبتهم إياه إلى أنها غير جارحة على قوانين الفقه، وما ذاك إلا لكونه كان يخرجها على قواعد الإستدلال المنطقي. وللشريعة قواعد أخرى لا يخرج الفقه إلا عليها. فمن تركها وخرج على غيرها لم يدرك غرض الفقه، والشيخ -رحمه الله -، أستاذي ونعله تاج رأسي، ولكن هذا هو الحق الذي لابد منه. وقد أراد مني مرات أن أوافقه في فتاوى نتعلق بالأوقاف ولم أوافقه على شيء منها.
والغرض بهذا الكلام شرح قول الشافعي -رضي الله عنه -، وأنه من أراد تخريج القرآن والسنة والشريعة على مقتضى قواعد المنطق، ولم يصب غرض الشرع ألبتة، فإن كان في الفروع نسب إلى الخطأ، وإن كان في الأصول نسب إلى البدعة وهذا أعظم دليل على تحريم هذا الفن فإنه سبب للأحداث والابتداع ومخالفة السنة ومخالفة غرض الشارع وكفى بهذا دليلا وهو مستنبط من كلام الشافعي -رضي الله عنه -.
ونظيره تحريم النظر في متشابه القرآن خوف الزيغ والفتنة أخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة قالت:"تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -هذه الآية" هو أنزل عليك الكتاب إلى قوله أولوا الألباب قال: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم}.
وأخرج الطبراني في الكبير عن أبى مالك الأشعري أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يقول "لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا