وهذا قول كثير من السَّلف: كالحسن، وابن سيرين، وابن المسيب، وعطاء وعكرمة والنخعي وهو مذهب مالك، وإسحاق وابن المنذر، ولأن الأصل عدم الكراهة، وصيانته تحصل بإطباق يده عليه، وهو في باطن الكف، فلا يبقى مع ذلك محذور، ومتى كان في يساره أداره إِلَى يمينه لأجل الاستنجاء.
وقد رُوي حديث عن علي بن أبي طالب "أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء حوله في يمينه، فَإِذَا توضأ حوله في يساره". أورده الجوزقاني من جهة عمرو ابن خالد، وقال: هو حديث منكر، وعمرو كذاب.
وروى ابن عدي من حديث محمد بن عبيد الله العرزمي، عن نافع، عن ابن عمر قال:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتختم في خنصره الأيمن، فَإِذَا دخل الخلاء جعل الكتابة مما يلي كفه". والعرزمى متروك.
فصل
[هل يمس الخاتم الَّذِي عليه ذكر الله مع الحدث]
ومن أحكام الخاتم إذا كتب عليه شيء من القرآن فهل له مسه مع الحدث؟ ذكر أبو البركات صاحب "المحرر في شرح الهداية" أنَّه لا يجوز، ولم يخرجه عَلَى الروايتين في الدرهم المكتوب عليه القرآن، وأشار إِلَى الفرق بأن البلوى تعم بمس الدرهم لكثرة الحاجة إِلَيْهِ بخلاف الخاتم فصار كالورقة، وفي "الكافي" لو مس ثوبًا مطرزًا بآية من القرآن جاز؛ لأنّه لا يسمى مصحفًا، والقصد منه غير القرآن، وحكى في الدرهم وجهين:
أحدهما: كذلك لهذا المعنى.
والثاني: لا يجوز لأنّ معظم ما فيه القرآن، وهذه العلة مطردة في الخاتم فيتعين إلحاقه به.
وما ذكره صاحب "المحرر" من الفرق بعموم البلوى بمس الدرهم تقابله عموم البلوى بحمل المحدث الخاتم، والمس والحمل بمعنى واحد.