وجعل أصل هذه المسألة ما إذا أخذ اللقطة ثم ردَّها إِلَى موضعها، فإنَّه يضمن بذلك، والخلاف فيها مع أبي حنيفة أيضًا، وحكم الخفِّ ينزعه من رِجلِ النائم ثم يعيده، والدرهم يأخذه من جيبه ثم يرده إِلَيْهِ حكم الخاتم.
وقد ذكر ابن عقيل في كتاب السرقة من "الفصول" أنَّه لو أعاد المسروق إِلَى مال صاحبه فخلطه خلطًا لا يتميز به ولم يعلمه وإن كان لم يعلم بالأخذ برئ بذلك وإن كان علم لم يبرأ حتى يعلمه مراعاة لتطييب قلبه وتسليمه وتسليطه عَلَى ماله كما كان.
قال: ومتى تحقق أنَّه علم بالرد برئ، مثل أن يسرق دابته ويعلم بها ثم يعيدها إِلَى اصطبله، ويعلم أنَّه علم بعودها، فهذا يقتضي أنَّه يبرأ هاهنا بالرد إِلَى يده في تلك النومة كما قال أبو حنيفة؛ لأنّه لم يكن علم بالأخذ بخلاف رده في نومة أخرى فإنَّه لا يبرأ به حتى يستقيظ ويعلم بالرد. ولم يقل ابن عقيل أنَّه لا يبرأ إلا بالرد إِلَى يده حقيقة، بل صرح بالبراءة بردِّه إِلَى ما يجري مجرى يده وهو خلطه بماله، ولا ريب أن جيبه وإصبعه ورجله تجري مجرى يده وما فيها يحكمُ بأنه له، ولكن يقال: هي في حال نومه ليست حرزًا وإن كانت حرزًا في يقظته، ولهذا ذكر القاضي وابن عقيل أن الروايتين في قطع الطرار من الكم والجيب مأخذهما هل هما حرزان أم لا؟ قال: فَإِذَا قلنا: ليسا بحرزين ضمن بتركه الوديعة فيهما ثم صح أنها حرز في اليقظة، قال: لأنّ الشارع جعل وضع رأس النائم في المسجد عَلَى ردائه حرزًا، فَجيبُ المستيقظ أبلغ.
[فصل [الهبة في الخاتم]]
لو وهب له خاتمًا من أحد النقدين وشرط عليه الثواب فإن كان في الثواب المشترط نقدًا من جنس الخاتم أو غير جنسه، لم يجز لإفضائه إِلَى الربا المحظور: إما ربا الفضل أو النساء أو كلاهما، وإن كان من غير النقود جاز فإنّ الهبة بشرط الثواب بيعٌ فيعتبر فيها شروطه، والله أعلم.