وهذا فيه ضعف؛ لأنّ الأجرة إنما هي عوض عن المنفعة خاصة، والأجزاء تتلف من ضمان مالكها، ولو كانت الأجزاء التالفة داخلة في العقد لم يجز إجارة كساء صوف بصوف، ولا ثوب قطن بغزل، ولا دار مذهبة بذهب.
وقد أطلق أبو الخطاب في "رءوس مسائله" الكراهة دون التحريم، وقد ذكر بعض الشافعية أن هذا النزاع في هذه المسألة مبني عَلَى أن المعقود عليه في الإجارة هل هو العين أو المنفعة؟
فإن قيل: إِنَّ العين لم يجز إجارة الحلي بجنسه، وإلا جاز. ولو استأجر فصًّا يضعه في خاتم جاز أيضاً، فَإِذَا انقضت مدة الإجارة فللمؤجر مطالبته برده، ويلزمه قلعه ليرده عَلَى مالكه. ذكره أصحابنا أيضاً.
[فصل [في وقف الحلي]]
وكذلك اختلفوا في كلام أحمد في صحة وقف الحلي.
فروى عنه الأثرم وحنبل: لا يصح. وأنكر الحديث الَّذِي رُوي عن أم سلمة في وقفه.
ونقل عنه بكر بن محمد فيمن وصى بفرس وسرج وخاتم مفضض، يوقف في سبيل الله حبيس، فهو عَلَى ما وقف وأوصى، وأن بيع الفضة التي في السرج واللجام وجعل في سرج مثله، فهو أَحَبّ إلي؛ لأنّ الفضة لا يُنْتَفعُ بها، ولعله يشتري بتلك الفضة سرج ولجامٌ فيكون أنفَعُ للمسلمين.
فقِيلَ لَهُ: فتباع الفضة وتصير في نفقةِ الفرسِ؟
قال: لا.
واختلف الأصحاب في هذه النصوص عنه فتأوَّل القاضي في "المجرد" ومن تابعه رواية حنبل والأثرم عَلَى أنه لا يصح الحديث عن أم سلمة في وقفه لا عَلَى أنَّ وقفه لا يصحّ.