ولكن لم يثبت ذلك عمن نعتد بقوله، وليس في هذا عرض صحيح، فإن دفن ما فيه ذكر الله مع الميت، وإن كان قد نقل عن كثير بن العباس أنَّه أوصى أن يكتب معه عَلَى أكفانه، وينبغي أن تتأكد كراهة ترك خاتم الحديد مع الميت، لما ورد من أنَّه حلية أهل النار، ومتى دفن معه فهو كما لو وقع ماله قيمة يجوز نبشه لأخذه.
وأما الشهيد فإن الأصحاب ذكروا أنَّه ينزع عنه صلاحه وآلات القتال خاصة ويدفن في بقية ثيابه؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أمر أن ينحى عنهم الجلود والحديد وهما آلات القتال، فهل يقال: يلحق الخاتم بالثياب الملبوسة؛ لأنّه لباس أيضاً؟ وإن كان زينة فهو كثياب الجمال الَّذِي عليه؟ ويقال: يلحق بالنفقة التي معه، فتؤخذ منه؟ هذا فيه تردد، والأشبه تخريجه عَلَى وجهين من مسألة إلحاق الحلي في سلب الكافر المقتول بثيابه، فيكون لقاتله عَلَى المذهب المشهور، وعلى وجه يلحق بالنفقة الموجردة معه، فيكون غنيمة. والأقرب ترك الخاتم ونزع غيره من الحلي عنه؛ لأنّه قد يكون كثيرًا كما إذا قتلت المرأة في المعركة وعليها حلي كثير، فترك مثل هذا معها إضاعة للمال بغير فائدة.
وقد نص أحمد في رواية صالح عَلَى نزع المنطقة عن الشهيد.
وقد أورد ابن أبي الدُّنْيَا في كتاب "القبور" من طريق ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنَّه حدَّث أن رجلاً من أهل نجران في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حفر خربة من خرب نجران لبعض حاجته، فوجد عبد الله بن الثامر تحت دفن منها قاعدًا واضعًا يديه عَلَى ضربة في رأسه، ممسك عليها يده، فإذا أخرت يده عنها ثغبت دمًا، فإن أرسلت يده ردها عليه فأمسك دمها، وفي يده خاتم مكتوب فيه "ربي الله"، فكتب فيه إِلَى عمر يخبره بأمره، فكتب إِلَيْهِ عمر أن أقروه عليَّ حاله، وردوا عليه الدفن الَّذِي كان عليه. ففعلوا.