وأما في إخراج زكاته إذا بلغ وزنه نصابًا وكانت قيمته أزيد من وزنه، فإنَّه قلنا نعتبر القيمة في تكميل النصاب ففي الإخراج كذلك، وإن قلنا لا يعتبر في التكميل فهل يعتبر في الإخراج؟ هاهنا عَلَى وجهين.
أحدهما: لا يعتبر أيضاً. قالوا: وهو ظاهر كلام أحمد في رواية غير واحد، وصححه أبو عبد الله السامري، وهو قول مالك، ونحوه قول أبي حنيفة وأبي يوسف.
والثاني: يعتبر.
وهو اختيار القاضي وأصحابه: وأخذوه من إيماء أحمد أيضاً، وهو قول الشافعي، ومحمد بن الحسن وغيرهما. ثم اختلفوا في معنى اعتبار القيمة في الإخراج، فقالت طائفة منهم: تجعل زيادة القيمة مضمومة إِلَى الوزن كالمال المضموم إِلَى مال آخر ويزكى الجميع، فإذا كان وزن المُصاغ مائتي درهم وقيمته ثلاثمائة، أخرج عنه زكاة ثلاثمائة: سبعة ونصفًا.
وهذا عَلَى قول ابن عقيل ظاهر، فإنَّه جعل زيادة القيمة تضم إِلَى الوزن في تكميل النصاب يها.
وأما الأكثرون فيَقُولُونَ: إِنَّمَا تضم القيمة إِلَى الوزن تبعًا لكمال الوزن نصابًا. وهؤلاء يجيزون إخراج زكاة هذه الزيادة قيمة، ويجيزون الإخراج من جنس ذلك الحلي مصاغًا بحيث تجتمع زكاته من قيمة ووزن كامل نصابه، ويجيزون أيضاً إخراج أجود منه صفةً ومثله وزنًا مقابلة للصنعة بالجودة.
هذا قول القاضي، وأبي الفتح الحلواني، وأبي الخطاب، وابن عقيل.
وقالت طائفة: بل يجب إخراج ربع عشر الحُلي عَلَى صفته خاصة وليست زيادة القيمة مالاً مضمومًا إِلَى النصاب، بل الصياغة صفة في المال، فيجب إخراج الزكاة عَلَى صفة المال، فيخرج ربع عشره زنة وقيمة، فإن أخرج مثله وزنًا من غيره وكان أجود منه بحيث تقابل جودته زيادة الصنعة جاز.