والمقصود هنا: أن أحمد لما حكم بالمثل في الصناعة وجب ضمان الحلي بمثله؛ لأنّ مادته مثلية بلا نزاع.
وقد نص عَلَى أن صورته وتأليفه مثلي فوجب ضمانه عند التلف بالمثل، وعلى الوجه الأول يضمنه بقيمته، فإذا كانت أكثر من وزنه فهل يجوز ضمانه من جنسه بأكثر منه وزنًا؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا؛ لأنّه ربا.
وفي مسائل "البرزاطي" سئل أحمد عن صَيرفيٍّ دُفع إِلَيْهِ دينارٌ محكك لينقده فنقضه وحكه.
قال: قد أحسن، ولا شيء عليه.
قِيلَ لَهُ: فإن كسرَهُ؟
قال: يغرم ما بين قيمته صحيحًا ومكسورًا فضة. وهو اختيار أبي الخطاب، وصاحبي المغني والمحرر ومذهب الثوري وأبي حنيفة وبعض الشافعية.
والثاني: يجوز، وهو اختيار القاضي، وابن عقيل، والصحيح من مذهب الشافعي؛ لأنّ الربا إِنَّمَا يجري في المعاوضات، لا في الغرامات، فإن الغرامة استدراك ظُلامة، ولهذا يجب الأرش في الكسر لتفويت الصناعة ولا يؤخذ عنها العوض في البيع، وسلم القاضي وابن عقيل أن ما لا صناعة فيه كالنقرة إذا خالفت قيمتها النقد لم يجز ضمانها من جنسها متفاضلاً، وفرَّقا بأن الصناعة فيها مالية زائدة، فلذلك ضمنت ولا صناعة في النقرة.
وهذا الوجه يَقربُ مما ذكره صاحب المغني في ردِّ أرش العيب الحادث عند المشتري كما تقدم.