للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كحفرت بئر اليوم. وان كان متعذيا إلى مفعولين فمن النحويين من أبى الإتساع فيه لأنه يصير متعدياً إلى ثلاثة وهو قليل، ومنهم من جوّزه وان كان متعدياً إلى ثلاثة لم يجز، لأنه يصير متعدّيا إلى أربعة ولا نظير له، وحكى ابن السراج عن بعضهم جوازه هذا خلاصة مذاهب جميع النحاة كما في شرح الهادي، وهذا نصه وتحقيقه أنّ التوسع في الظروف جعل نسبة الفعل إليها وتلقه بها باعتبار كونه واقعا فيها بمنزلة نسبته إلى المفعول به الواقع عليه لما بيبهما من الملازمة والمشابهة لأنّ نحو زيداً المفعول، كمحل الفعل لظهور أثره فيه، فالتوسع هنا تجوّز حكمي في النسبة الظرفية الواقعة بعد نسبة المفعول به الحقيقيّ وأثره يظهر في الإضمار كما مرّ، فلذا كان اللازم معه متعدّيا والمتعدي متعديا لأكثر مما كان يتعدى له فالمتعدي قبله باق على حاله، حتى إذا لم يذكر مفعوله قدر أو نزل منزلة اللازم، ومنه عرفت أنّ الجمع بين الحقيقة والمجاز في المجاز الحكميّ ليس محل الخلاف، ولذا قال الرضيّ: اتفقوا على أنّ معنى الظرف متوسعا فيه وغير متوسع فيه سواء لا ما توهمه بعض أرباب الحواشي، وهذا مما يعض عليه بالنواجذ لكثرة جدواه كما ستراه، وفي قوله اسم الفاعل دون مالك مع أنه أخصر دقيقة وهو أنه على القراءة الأخرى إن قيل أنه صيغة مبالغة كحذر كان ملحقا باسم الفاعل، وله حكمه فيدخل فيه على ألطف وجه، وأخصره وإلا فهو إمّا صفة مشبهة أو ملحق بأسماء الأجناس الجامدة كسلطان، فلا كلام في إضافته، قويل إنه تعرّض لإضافة مالك مع أنه غير مختار عنده، لأنه لا إشكال فيه إذ هو صفة مشبهة مضافة إلى غير معمولها،

فإضافته معنوية، فيوصف به المعرفة، وفي إضافة اسم الفاعل خفاء، فلذا تعرّض لتخصيصها، ونص على ظرفية يوم الدين لإفادة أنّ مملوكيته غير حقيقية، واليوم من الفجر الصادق أو من طلوع الشمس إلى الغروب ويطلق على مطلق الوقت قليلاً أو كثيرا، ويوم القيامة حقيقة شرعية في معناه المعروف ومجرى بضم الميم من الإجراء، وهو اسم مكان مجازفي ويجوز فتح الميم أيضاً قيل: وقد يتوهم أنّ مجرى بزنة موسى دون مرض ليناسب الإجراء، ونحن نجعله على وزن مرضى بفتح الميم ليدل على أنّ المفعول به يجري في هذا المكان بنفسه بخلاف الظرف، فإنه يجري بإجراء المتكلم لأنه ليس مذهبه، نعم لو جعل مجرى مفعولاً مطلقاً كان الأظهر جعله كموسى، وأورد عليه أنّ المفعول المطلق من المصدر لم يسمع وليس معه فعل يكون هو مفعوله وهو غفلة منه، فإنه مصرّح بخلافه في متون النحو، وقد مرّ قريبا ما في الكشاف من أنّ متاعا في قوله تعالى {؟ متاعاً إلى الحول} [البقرة: ٢٤٥] منصوب بمتاع الأوّل. قوله: (يا سارق الليلة أهل الدار) يقال سرقه مالاً يسرقه من باب ضرب، وسرق منه مالاً يتعدى إلى الأوّل بنفسه، والى الثاني بالحرف، وقد يحذف فيتعدى له بنفسه كما في المصباح، وهذا شاهد على أنّ هذه الإضافة للمفعول المجازيّ كما مرّ، وهو بيان لحكمه في نفس الأمر كما بينه النحاة لا تصحيح لوصف المعرفة به، لأنّ المعمولية غير مناسبة له، ولو كان كذلك لم يصرحوا به بعده، فما قيل من أنه جواب لسؤال مقدر، وهو أنّ هذه الإضافة لفظية إذ هي من إضافة الصفة لمعمولها فكيف وصف به المعرفة، فأجيب بما ذكره المصنف رحمه الله لا وجه له، ثم إنك قد عرفت مما تلوناه عليك أنّ هذا المفعول لا بدّ من زيادته على مفعوله الأوّل إن كان متعدّيا وأكثر أرباب الحواشي هنا لم يقفوا على تفصيله فخبطوا خبط عشواء، فمنهم من قال أنّ انتصاب أهل الدار بمقدر أي احدّر، وقد يجعل مفعولاً أوّل لسارق لأنه قد ينصب مفعولين كما مرّ، فتوهم أنه ينافي نصب المفعول، فاحتاج إلى التقدير أو تعديه لاثنين، وكذا من قال إنّ المفعول الذي صرف النسبة مته إلى الظرف في هذا البيت محذوف كما في مالك يوم الدين وأهل الدار غير ذلك المفعول، فإنه يقال سرقه مالاً وسرق منه مالاً كما مرّ وعلى الثاني أهل الدار منصوب بنزع الخافض، فلا يرد أنه ينافي كونه مجازاً حكميا ذكر المفعول لأنّ المفعول المجازيّ لا يجتمع مع المفعول الحقيقيّ، ولا مع مفعول آخر مجازفي، فلا يقال أجرى النهر الماء، ولا أجريت النهر الزرع انتهى. وهو كله من ضيق العطن لما مرّ فتدبر، وقوله قدس سره: من قال الإضافة في مالك يوم الدين مجاز حكمي، ثم زعم أنّ المفعول به محذوف عامّ يشهد لعمومه الحذف بلا قرينة خصوص، ويرد عليه أنّ

<<  <  ج: ص:  >  >>