للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل إنه حقيقة فيه، وفي الماضي أيضاً، وأمّا في المستقبل فمجاز اتفاقاً ونقل عن المصنف رحمه الله أنه مجاز في الماضي المنقطع لا مطلقا وهو مخالف للمشهور وبنى عليه أن مالك يوم الدين حقيقة عنده، وان لم يعتبر استمراره وكيف يتأتى هذا مع قوله إنه على طريقة ونادى أصحاب الجنة، وهذا مقرّر في الأصول الفقهية، والمعاني وذكره بعض النحاة وفيه إشكال ظاهر، لأنّ الدال على الزمان وضعا بالاتفاق، إنما هو الفعل وما قالوه مخالف له وليس كالصبوح والغبوق، ولذا ذهب بعض الأصوليين إلى أنه لا دلالة له على الزمان أصلاً وفي شرح المصنف أنه اأحق، ثم إنه قيل إذا كان مجازا في الماضي كما في التلويح كان اسم الفاعلى هنا على تقدير كونه بمعنى الماضي، وقد كان مستعملاً في المستقبل مجازا في المرتبة الثانية وهو مما حرّره السيد في تفسير قوله تعالى {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم} [البقرة: ٩] والطيبي.

(أقول) هذا زبدة أنظار من كتب الحواشي من المدققين هنا، وفيه نظر أ ١٤ أؤلأ فانّ قولهم

إنه في المستقبل مجاز اتفاقا غير صحيح لأنّ من أهل الأصول من ذهب إلى أنه حقيقة في الحال والمستقبل، وأمّ ثانياً فما ادّعوه من أنه مجاز في المرتبة الثانية مع ما فيه من التعسف غير مسلم كما يعلم مما سيأتي في تقريره مع أنّ شرط ذلك المجاز المشهور غير مقرّر هنا، وأمّا ثالثاً فالتجوز المذكور إذا كان كالتجوز في نادي مما ذكروه في أكثر الكتب، وأورد نحوه ابن

هشام في رب من المغني، وقد أورد عليه شارحه أنه يقتضي أنّ المستقبل حينئذ عبر به عن ماض متجوّز به عن المستقبل، وهو مع تكلفه ني صحته تردد لا يخفى وجهه فتدبر.، وهذا مأخوذ من الكشف وسيأتي تحقيقه، وأمّا الإشكال فدفعه أنّ الوصف لما كان موضوعاً لذات متصفة بحدث سواء كان في الماضي أو الحال أو الإسنقبال خصه العرف بأحد أفراده تخصيص الداية فصار حقيقة عرفية إمّا لتبادره منه مطلقا أو في حال العمل لأنه يتمّ به مشابهة المضارع، وقوله في المطوّل إنه حقيقة في الحال بالإتفاق غير مرضيّ وليست دلالة التزام لأنه لا يلزمه زمان معين، وقول نجم الأئمة الرض إنه مدلول العمل كأنه أراد به مدلوله في حال العمل وسيأتي تفسير قوله ة {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: ٢] ما يتممه. قوله: (أوله الملك في هذا اليوم إلخ) عطف على قوله ملك إلخ يعني أنه بمعنى الماضي، أو المراد به الاستمرار لا الحال، أو الاستقبال لتكون إضافته حقيقية فيوصف به المعرفة كما فصله المصتف رحمه الله بعد.

(وههنا بحث) مشهور وهو أن الشيخين في سورة الأنعام جعلا إضافة جاعل إلى الليل في

قوله تعالى: {؟ وتجعل الليل سكناً} [الأنعام: ٩٦] لفظية لأنه دال على جعل مستمرّ، وهنا جعلا الإضافة حقيقية إذا قصد الاستمرار، وبينهما تناف ظاهر، وقد وفق بينهما بوجوه منها أنّ الزمان المستمرّ شامل للأزمنة الثلاثة، فيجوز النظر فيه إلى الماضي، فلا يعمل وتكون إضافته حقيقية، والنظر لمقابله فيعمل، وتكون إضافته لفظية فيراعى ما يقتضيه المقام، فروعي الثاني في الأنعام لئلا يلزم مخالفة الظاهر بنصب سكنا بمقدر، وروعي الأوّل هنا لئلا يقطع مالك عن الوصفية إلى البدلية، ولا يأباه ما في نحو المفتاح من أنّ اسم الفاعل يعمل عمل فعله المبنيّ للفاعل إذا كان على أحد زماني ما يجري عليه، وهو المضارع دون الماضي والاسبتمرار، فإنّ اتباع مذهبه غير لازم وسيأتي ما فيه، ومنها أنّ المذكور ثمة عمله دون إضافتة، فلا منافاة بينهما لجواز أن يكون الوصف عاملاً واضافته حقيقية، لأنّ المستمرّ لما احتوى على الماضي ومقابليه روعي الجهتان معاً فجعلت الإضاءة حقيقية نظراً إلى الأولى، واسم الفاعل عاملاً نظراً إلى الثانية، وليس بشيء لأنّ مدار كون إضافته حقيقية، أو غيرها على كونه عاملاً أو غير عامل، ومنها أنّ الاسنمرار ههنا ثبوتيّ وثمة تجددي متعاقب الافراد، فعمل الثاني لورود المضارع بمعناه دون الأوّل، قيل: والمراد بالثبوت ما لم يعتبر معه الحدوث في زمان لا ما ينافي التجدّد حتى يرد أنّ ما وقع في يوم الدين متجدّد، ومالكية الشيء تتوقف على وجوده واستمرارها يكون متجذدا قطعاً، والباعث على اعتبار التجدّد في جاعل الليل لا هنا عدم مخالفة الظاهر فيهما، فاندفع ما قيل أنّ المصنف جعل إضافة {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [دورة غافر: ٣] حقيقية لأنه لم يرد بهما زمان مخصوصر، ولا شك أنّ استمرارها تجددئ فإن أريد بمالكية يوم الدين القدرة ضلى تصرّف الإيجاد والإعدام والنقل من صفة إلى صفة، كقا

ذكره الإمام لم يبق خفاء في أنّ استمرار مالك ثبوتيّ، وستراه عن

<<  <  ج: ص:  >  >>