للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قريب مع ما فيه والملك كالملك قال الراغب: يكون بمعنى قوّة التصرّف، وقدرته ويكون بمعنى التصرّف نفسه، وقال الإمام: هو القدرة على التصرّف، والله تعالى مالك الموجودات أي قادر على نقلها من الوجود إلى العدم، وعلى نقلها من صفة إلى أخرى، ومعنى مالك الملك القادر على القدرة آي كل ما يقدر عليه الخلق فهو بإقداره وملك يوم الدين بإحياء الموتى، وليس هذا كله إلاً لله، فهو الملك الحق، فإن قيل المالك لا يكون مالكاً للشيء إلاً إذا كان المملوك موجوداً والقيامة غير موجودة في اكحال، فالواجب أن يقال ملك يوم الدين لا مالكه، ولهذا قالوا لو قال أنا قاتل زيد بالإضافة فهو إقرار، ولو قال قاتل زبداً بالعمل والتنوين فهو وعيد، قيل هذا حق إلاً أنّ قيام القيامة لما كان محققا جعل كالقائم في الحال، وأيضا من مات فقد قامت قيامته فكانت القيامة حاصلة في الحال، فزال السؤال اتتهى. وقد قيل عليه إنّ اسم الفاعل ليس حقيقة في المستمرّ، فيكون مجازا على المجاز، وإنّ معنى الاستمرار هو الثبات من غير أن يعتبر معه الحدوث في أحد الأزمنة، وذلك ممكن في المستقبل كأنه قيل هو ثابت المالكية في يوم الدين، واذا لم يعتبر في مفهومه الحدوث لا يعمل لانتفاء مشابهة الفعل على أنه إذا إريد بالمالكية القدرة على التصرّف لا يبقى في الاستمرار خفاء كما مرّ. بخلاف ما إذا كان مالك بمعنى ملك إذ لا يراد هنا المالكية المستمرّة الغير الحادثة، وهي تتوقف على وجود المملوك، فلذلك يحتاح إلى التأويل.

(أقول) هذا زبدة ما قرّروه وكرروه وزعموا أنهم حققوه وحرّروه، وللنظر فيه مجال، فإنّ الاستمرار اسنفعال من المرور، ولذا ورد بمعنى الذهاب، وعدم البقاء كما في قوله تعالى: {سحر مستمرّ} [القمر: ٢] على وجه، وبمعنى الدرام والثبات، وهو المراد هنا إلآ أنه على وجوهـ، فإنه يكون بمعنى الوجود في جميع الأزمنة الثلاثة، وبمعنى عدم اعتبار الحدوث، وماتارنة الزمان له كالأمور الجبلية وعدم الانقطاع أزلم لأ وأبداً كما في الصفات الذاتية، وجاعل ومالك وصفان ثبوتيان، والجعل من صفات الأفعال، وكذا الملك إن فسر بالتصرّف، فإن فسر بالقدرة، كما هو رأي الإمام كان من الصفات الذاتية، واتصافه تعالى بالثانية أزلاً وأبداً متفق عليه، وأمّ الأولى فذهب الماتريدية إلى أنها مثلها من غير فرق فنقل عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: كان الله خالقاً قبلى أن يخلق ورازقاً قبل أن يرزق، ووافقهم عليه بعض الأشعرية. قال الزركشيّ رحمه الله في البحر: إطلاق الخالق والرازق ونحوهما فى حقه تعالى قبل وجود الخلق والرزق حقيقة، وان قلنا صفات الفعل من الخلق والرزق ونحوهما حادثة ورده ابن شريف: بأنه ممنوع عند الأشعرية القائلين بحدوثها، وفيه بحث فحينئذ يقال لا شك أنّ النحاة بأسرهم اشترطوا في عمل اسم الفاعل غير صلة أل، وفي كون إضافته لفظية أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال ليتمّ شبه المضارع له، فيعمل عمله ولم يخالف فيه غير الكسائيّ،

فالاستمرار بالمعاني الثلاثة يقتضي عدم العمل وأنّ الإضافة حقيقية لتخلف شرطه، فلا غباو على ما نحن فيه، ولا يأباه كونه من صفاته تعالى مطلقاً، وأمّا ما في سورة الأنعام فمشكل، وان لم يكن له تعنق بالإضافة فإنه لا يصح فيه شرط العمل، أمّا على الأوّل فلأنّ الأزمنة الثلاثة تشمل الماضي، وهو مناف لعمله عند الجمهور، وقد صرّح به صاحب المفتاح كما مرّ، وأما على الثاني فلأنه إما أن يلحق بالصفة المشبهة كما صرّحوا به في طاهر القلب ونحوه، أو بالأسماء الجامدة كما قالوه في نحو والد وكاهل، فلا يعمل النصب أو لا يعمل أصلاً، وكذا هو على الثالث بالطريق الأولى مع أنه برمته لا يتسنى لسلامة الأمر في صفاته تعالى كما سمعته ولك أن تقول المراد به الأوّل ثمة فاستمراره بالنظر إلى الحال المستمرة في المستقبل، ولما كان الحال أجزاء من الماضي والمستقبل شمل حكمه الماضي مطلقاً لعدم الفارق والمضارع يستعمل بهذا المعنى أيضا، وبه صرّج السيرافي في شرح الكتاب فقال يجوز أن يكون جاعل في معنى فعل ماض، ويجوز أن يكون في معنى فعل مستقبل، فإذا جعلته في معنى الفعل الماضي ة فتقديره ومعناه قدّر الليل لهذا، وهو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه، وهو أظهر الوجهين، وينصب الشمس والقمر بإضمار فعل ومن جعله بمعنى المستقبل، فهو على تقدير يجعل وذلك لأته فعل لم ينقطع لأن الليالي يتصل بها ما قد كان، وما يكون منها

<<  <  ج: ص:  >  >>