للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو بمنزلة زبد ياكل إذا كان في حال كله قد تقضى بعضه وبقي بعضه انتهى. وهذا قريب من الجواب الأوّل إذا دقق فيه النظر، وقال أبو حيان في البحر: اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال، أو الاستقبال جاز فيه وجهان: أحدهما ما قدمناه من أنه لا يتعرّف بالإضافة لأنه منويّ الانفصال، فكأنه عمل النصب والثاني أن يتعرّف بها إذا كان صفة معرّفة فيلحظ أنّ الموصوف صار معروفا بهذا الوصف، فكان تقييده بالزمان غير معتبر، وهذا الوجه غريب لا يعرفه إلآ من له اطلاع على كتاب سيبويه وتنقيب عن لطائفه وقد قال فيه ما نصه: زعم يونس والخليل أنّ الصافات المضافة التي صارت صفة للنكرة قد يجوز فيهن كلهن أن يكن معرفة، وذلك معروف في كلام العرب انتهى. وهو كلام يض، ج إلى تأمّل تامّ. قوله: (لتكون الإضافة حقيقية) قد عرفته وما له وما عليه، فإن قلت: كون الظرف هنا مفعولاً به على التوسع يقتضي أن اسم الفاعل مضاف لمفعوله، وهو يأبى كون الإضافة حقيقية قلت قال الشريف: كون الإضافة معنوية لا ينافي التوشع في الظرف لأنّ المراد أنه مفعول من حيث المعنى لا من حيث الإعراب، أي يتعلق المالك به تعقق المملوكية حتى لو كانت شرائط العمل حاصلة عمل فيه وفيه تأمّل، وقد بقي في كلام شروج الكشاف كلام كنا ذكرناه هنا ثم طويناه لطوله وسيأتي تتمته في الأنعام إن شاء الله. قوله: (وقيل الدين الشريعة إلخ) قال الراغب الدين الطاعة والجزاء واستعير للشريعة، والدين كالملة لكنه يقال اعتبارا بالطاعة والانقياد للشريعة انتهى. والشريعة وضع إلهيّ سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى ما هو خير لهم بالذات كذا عرفها الأصوليون، والدين

كما سمعته يكون بمعنى الملة، وهي أعم من الدين لشمولها الدين الحق وغيره، وهو مقول عليهما بالاشتراك اللفظيّ كما قال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: ٦] وهو كثير في الفرآن، ومن عرّفه بما عرفت به الشريعة نظر لمعناه الغالب المتبادر منه عند الإطلاق فلا وجه للاعتراض عليه، ومرضه المصتف رحمه الله لأنه معنى مجازيّ، ومحتاج للتقدير عنده كما أشار إليه قوله: (والمعنى يوم جزاء الدين) قدّره لأنه ليس يوماً للتكاليف، وانما هو للجزاء وهو على التفسيرين قيل، وهو على الأوّل بتقدير مضاف آي جزاء أحكام الشريعة أو جزاء قبول الدين وترك قبوله أو جزاء العمل به من الثواب والعقاب، ويجوز أن تكون إضافته لما بينهما من الملابسة باعتبار الجزاء من غير تقدير، وقيل البلاغة تحكم بأولوية عدم التقدير إذ يقال في يوم ظهور سلطان أحد وغلبة ما يتعلق به إنّ اليوم يوم فلان، فبذلك الاعتبار يقال يوم الشريعة أيضا، وقيل أيضاً إن كان المراد بالطاعة العبادة احتاج إلى التقدير، فإن أريد الانقياد المطلق كما فسر به في كتب اللغة، فلا حاجة للتقدير، فإنّ الناس في الدنيا بين منقاد وغير منقاد بخلافهم في ذلك اليوم لانقياد الكل ظاهرا وباطنا وهو وجه وجيه. قوله: (وتخصيص اليوم بالإضافة إلخ) الإضمافة مصدر المبنيّ للمفعول أي إضافة مالك أو ملك إلى يوم الدين مع كونه مالكاً للأيام كلها ولجميع الأمور وهذا هو المراد، وقد قيل إنه محتمل لوجوه أربعة لأنه إمّا بمعنى كونه مضافاً إليه أو كونه مضافا إلى الدين وعليهما مدخول الباء مقصور أو مقصور عليه، وقوله: (لتعظيمه) أي لتعظيم اليوم المستلزم لتعظيم مالكه، ويجوز أن يكون الضمير لله للعلم به من السياق، وقوله: (بنفوذ الآمر فيه) يقال: نفذ الأمر نفوذا ونفاذاً بالذال المعجمة بمعنى مضى وقيل على الفور بلا تردّد وأصله من نفذ السهم في الرمية إذا خرقها، وأمّا نفذ بالمهملة فمعناه فني وانقطع والأمر هنا مقابل النهي، وفي نسخة الأمور بالجمع. قال الليثيّ في حواشيه: الظاهر الأوامر به له أي خص لتفرده بالتصرّف فيه إذ الأمر يومئذ لله الواحد القفار، ولا ملك لأحد سواه بخلاف أيام الدنيا فإنّ لغيره فيها أمراً ونفوذا ظاهراً وان كان المنفذ له في الحقيقة هو الله، وما ادّعى ظهوره بناء على ما تعارفوه، ووقع في كلام الأصوليين من أنّ الأمر بمعنى القول المخصوص يجمع على أوامر، وبمعنى الفعل والشأن على اً مور وهو مما تفرّد به الجوهريّ واللغة وقواعد العربية لا تساعده وفيه كلام طويل، قيل والأحسن أن يقال: إنه. للإشارة إلى المعاد بعد الإشارة إلى المبدأ بقوله رب العالمين، وبما بينهما لما بين النشأتين كأنه قيل الحمد لمن منه الابداء وباحسانه البقاء وبحكمته إليه الانتهاء، وهو غفلة عما بعده، فإنّ ما ذكر مأخوذ من إجراء

<<  <  ج: ص:  >  >>