أنّ ما مبتدأ، أو ذا بمعنى الذي خبره وأجبتم صلته، والعائد محذوف أي به كما قاله العوفي ففيه أنه لا يجوز حذف العائد المجرور إلا إذا جر الموصول بمثل ذلك الحرف الجار واتحد متعلقاً هما كما تقرّر في النحو. قوله:(وهذا السؤال لتوييخ قومهم الخ الما كان على كل من السؤال، والجواب إشكال أمّا السؤال فلأنه تعالى علام الغيوب فما معنى سؤاله أجابوا بأنه لقصد التوبيخ للقوم كما يقع صريح الاستفهام لذلك، وتحقيق كونه مجازاً أو كناية، ومن أيّ الأنواع في شرح المفتاح، وأما الجواب فلأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد نفوا العلم عن أنفسهم مع علمهم بما أجيبوا به فيلزم الكذب عليهم فاجابوا عنه بوجو..
الآوّل: إنه ليس لنفي العلم بل كناية عن إظهار التشكي، والالتجاء إلى الله بتفويض الأمر
كله إليه.
الثاني: أنه على حقيقته لكن على خصوص في الزمان، وهو أوّل الأمر لذهولهم من الخوف، ثم يجيبون في ثاني الحال، وبعد رجوع العقل إليهم، وهو في حال شهادتهم على الأمم فلا يكون قولهم لا علم لنا منافيا لما أثبت الله تعالى لهم من الشهادة على أممهم. الثالث: إنه إشارة إلى أنّ علمهم في جنب علم الله بمنزلة العدم مع تفويض الأمر إليه
تعالى.
الرابع: أنه ليس لنفي العلم بجوابهم عند التبليغ، ومدة حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بل كان منهم في عاقبة الأمر، وآخره الذي به الاعتبار، واعترض على هذا بأنهم يرون آثار سوء الخاتمة عليهم فلا يصح نفي العلم بحالهم، وبما كان منهم بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يقال هذا إنما يدل على سوء الخاتمة، وظهور الشقاوة في العاقبة لا على حقيقة الجواب بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فلعلهم أجابوا إجابة قبول، ثم غلبت عليهم الشقوة لأنا نقول معلوم أنه ليس المراد بماذا أجبتم نفس الجواب الذي يقولونه أو الإجابة التي تحدث منهم بل ما كانوا عليه في أمر الشريعة من الامتثال، والانقياد، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي أو عكس ذلك فإن قيل قول عيسى عليه الصلاة والسلام فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم الخ. يدل على عدم علمه بحالهم بعده قيل هو إثبات لقبائحهم على الوجه الأبلغ واعتذار بأنه لم يكن له المنع بعد التوفي واظهار أنه لا ذنب له في ذلك، ولا تقصير فلا يدل على نفي العلم بحالهم بعده بل على نفي القدرة على التعيين فقول المصنف لتوبيخ دفع لما يرد
على السؤال، وقوله: لا علم لنا بما كنت تعلمه دفع لما يرد على الجواب بأنه ليس المقصود نفي علمهم بما سئلوا عنه بل نفي العلم بجميع ما علمه تعالى من الظواهر، والبواطن، وأشار بقوله وفيه الخ، إلى جواب آخر كما مرّ، وقوله: إلى جنب علمك أي بالقياس، وبالنسبة إليه، ولا يخفى أنّ هذا ما-له إلى ما ذكره أوّلاً فكيف ضعفه ومرضه، وما قيل إنّ ظاهر هذا المعنى لا يناسب جواب السؤال المذكوو فإن حمل على أنّ المراد لا علم لنا إلى جنب علمك فيما قاله القوم فهو راجع إلى ما ذكره المصنفا رحمه الله لا يخفى ما فيه وقوله: (أو لا علا لنا بما أحدثوا بعدنا الخ) جواب آخر، وقد مرّ ماله، وعليه. قوله:(وقرئ علام بالنصب الخ) إذا تم الكلام عند قوله إنك أنت يكون على طريقة قوله أنا أبو النجم، وشعري شعري أي أنت المعروف بنهاية الكمال، واحاطة العلم حتى إن ما ذكرنا يدل على ذاتك مغن عن صفاتك، وبه يفيد الحمل، ويتم المعنى، وإليه أشار المصنف بقوله أي أنك الموصوف الخ. وقوله: منصوب على الاختصاص عنى به النصب على المدح الاختصاص الذي ذكره النحوبون فإنّ له شروطا ليست مستوفاة هنا، وترك قول الزمخشري أنه صفة لاسم أن لأنّ الضمائر لا توصف على الصحيح، ولذا أوّلوه بأنّ مراده بالوصف البدل، وهو يطلقه عليه كثيراً، وفيه كلام كثير كفانا المصنف مؤنته بتركه، وأما قراءة الغيوب بالكسر فإنه سمع في كل جمع على وزن فعول بالضم كبيوت كسر أوّله لئلا يتوالى ضمتان وواو، وهو مفصل في كتب النحو. قوله:(وهو على طريقة ونادى أصحاب الجنة الخ) يعني كلمة إذ وقال الماضي عبر بهما عما في المستقبل مجازاً لتحققه، وهذا البدل لتفسير المبدل منه، وايضاح لأن الجواب جواب توبيخ الكفر وردّ لا قبول، واليه أشار المصنف رحمه الله تعالى بقوله:(والمعنى أثه الخ) يعني اذكر إنعامي عليك، وعلى والدتك حين جعلك قومك لزينة، وإذا بدتك تعليل أو توقيت، وبروح القدس أي التطهير من هذه الوصمة بما آتيتك من المعجزات ففيه مزيد توبيخ لهم بما